واعترض : بأنا لا نسلم (١) أن الخلو عن صفة الكمال نقص ، وإنما يكون لو لم يكن حال الخلو متصفا بكمال ، يكون زواله شرطا لحدوث هذا (٢) الكمال. وذلك بأن يتصف دائما بنوع كمال (٣) يتعاقب أفراده من غير بداية ونهاية! ويكون حصول كل لاحق مشروطا بزوال السابق على ما ذكره الحكماء في حركات الأفلاك فالخلو عن كل فرد يكون شرطا لحصول كمال آخر ، (٤) بل لاستمرار كمالات غير متناهية ، فلا يكون نقصا.
وأجيب : بأن المقدمة إجماعية بل ضرورية ، والسند مدفوع بأنه إذا كان كل فرد حادث ، كان النوع حادثا ضرورة ، لأنه لا يوجد إلا في ضمن فرد. وبأن الواجب (٥) على ما ذكرتم لا يخلو عن الحادث ، فيكون حادثا ضرورة. وبأنه في الأزل يكون خاليا عن كل فرد ضرورة امتناع الحادث في الأزل فيكون ناقصا.
الثاني : وهو العمدة (٦) عند الحكماء أن الاتصاف بالحادث تغير وهو على الله تعالى محال.
وجوابه : أن اللازم من استحالة الانقلاب جواز الاتصاف في الأزل على أن يكون في الأزل قيدا للجواز ، وهو لا يستلزم إلا أزلية (٧) جواز الحادث لا جواز الاتصاف في الأزل على أن يكون قيدا للاتصاف ليلزم جواز أزلية الحادث ، ولا خفاء في أن المحال جواز أزلية الحادث ، بمعنى إمكان أن يوجد في الأزل ، لا أزلية جوازه ، بمعنى أن يمكن في الأزل وجوده في الجملة.
وهذا كما يقال : إن قابلية الإله لإيجاد العالم متحققة في الأزل بخلاف قابليته لإيجاد العالم في الأزل ، أي يمكن في الأزل أن يوجده ، ولا يمكن أن يوجده في الأزل ، ومبنى الكلام ، على أن يعتبر (٨) الحادث بشرط الحدوث ، وإلا فلا خفاء في إمكان وجوده في الأزل.
__________________
(١) في (ب) ثم بدلا من (نسلم).
(٢) في (أ) بزيادة (هو).
(٣) سقط من (ب) جملة (بنوع كمال).
(٤) في (أ) بزيادة (آخر).
(٥) سقط من (ب) لفظ (الواجب).
(٦) في (ب) المعتمد بدلا من (العمدة).
(٧) في (ب) الاستلزام بدلا من الأزلية.
(٨) سقط من (أ) لفظ (يعتبر).