وأما المعتزلة (١) : فلقولهم بحدوث المريدية والكارهية لما يراد وجوده أو عدمه ، والسامعية ، والمبصرية ، لما يحدث من الأصوات والألوان ، وكذا بتجدد العالميات عند تجدد المعلومات عند أبي الحسين البصري.
وأما الفلاسفة : فلقولهم بأن لله تعالى إضافة إلى ما حدث ، ثم فنى بالقبلية ثم المعية ، ثم البعدية ، ؛ وهم لا يقولون بوجود كل إضافة ، حتى يلزم اتصافه بموجودات حادثة على ما هو المتنازع ، وهذه الشبهة هي (٢) العمدة في تمسك المجوزين فلا تكون واردة في محل النزاع ، وقد يتمسك بأن المصحح لقيام الصفة بالواجب ، إما كونها صفة ، فيعم القديم والحادث ، وإما مع قيد القدم ، أعني كونه غير مسبوق بالعدم ، وهو عدمي لا يصلح جزءا للمؤثر.
وجوابه : منع الحصر لجواز أن يكون المصحح ماهية الصفة القديمة المخالفة لماهية الصفة الحادثة ، على أن يكونا أمرين متخالفين متشاركين في مفهوم الوصفية ، ولو سلم : يجوز أن يكون القدم شرطا (٣) أو الحدوث مانعا ، احتج المانعون بوجوه :
الأول : أنه (٤) لو جاز اتصافه بالحوادث لجاز النقصان عليه وهو باطل بالإجماع ، وجه اللزوم ، أن ذلك الحادث ، إن كان من صفات الكمال كان الخلو (٥) عنه ، مع جواز الاتصاف به نقصا بالاتفاق ، وقد خلا عنه قبل حدوثه ، وإن لم يكن من صفات الكمال امتنع اتصاف الواجب به للاتفاق على أن كل ما يتصف هو به يلزم أن يكون صفة الكمال.
__________________
(١) المعتزلة : ويسمون أصحاب العدل والتوحيد ويلقبون بالقدرية والعدلية وهم قد جعلوا لفظ القدرة مشتركا وقالوا : لفظ القدرية يطلق على من يقول بالقدر خيره وشره من الله تعالى. احترازا من وصمة اللقب إذ كان الذم به متفقا عليه لقول النبي صلىاللهعليهوسلم (القدرية مجوس هذه الأمة).
راجع الملل والنحل ج ١ ص ٤٣ وما بعدها.
(٢) في (أ) بزيادة لفظ (هي).
(٣) في (أ) بزيادة لفظ (شرطا).
(٤) في (أ) بزيادة لفظ (انه).
(٥) في (ب) حلوله بدلا من (الخلو).