المبحث الرابع : الجمهور على أن الواجب يمتنع أن يتصف بالحادث أي الموجود بعد العدم خلافا للكرامية (١). وأما اتصافه بالسلوب والإضافات الحاصلة بعد ما لم تكن ، ككونه غير رازق لزيد الميت ، رازقا لعمرو المولود وبالصفات الحقيقية (٢) المتغيرة المتعلقات ككونه عالما بهذا الحادث قادرا عليه فجائز ، وكذا بالأحوال المتحققة بعد ما لم تكن كالعالميات المتجددة بتجدد المعلومات عند أبي الحسين البصريّ (٣) على ما سيجيء (٤) تحقيق ذلك ، وبهذا يندفع ما ذكره الإمام الرازيّ من أن القول بكون الواجب محلا للحوادث لازم على جميع الفرق الإسلامية وإن (٥) كانوا يتبرءون عنه.
أما الأشاعرة (٦) : فلأن زيدا إذا وجد ، كان الواجب غير قادر على خلقه بعد ما كان وفاعلا له ؛ عالما بأنه موجود ، مبصرا لصورته ، سامعا لصوته ، آمرا له بالصلاة بعد ما لم يكن كذلك.
__________________
(١) أصحاب أبي عبد الله محمد بن كرام. وهم طوائف بلغ عددهم إلى اثنتي عشرة فرقة وأصولها ست. العابدية. والتونية والزرينية والاسحاقية والواحدية وأقربهم الهيصمية ولكل واحدة منهم رأي قال أبو عبد الله في كتابه المسمى (عذاب القبر) إنه أحدى الذات أحدى الجوهر وأنه مماس للعرش من الصفحة العليا. وجوز الانتقال والتحول والنزول .. الخ.
راجع الملل والنحل ج ١ ص ١٠٨ ، ١٠٩.
(٢) في (ب) الخفيفة بدلا من الحقيقة.
(٣) هو محمد بن علي الطيب أبو الحسير البصريّ أحد أئمة المعتزلة. ولد في البصرة وسكن بغداد وتوفي بها عام ٤٣٦ ه له تصانيف وشهرة بالذكاء والديانة على بدعته من كتبه «المعتمد في أصول الفقه» وشرح الأصول الخمسة كلها في الأصول.
راجع وفيات الأعيان ١ : ٤٨٢.
(٤) في (ب) ما يجب.
(٥) في (أ) بزيادة لفظ (وإن).
(٦) أصحاب أبي الحسن علي بن إسماعيل الأشعريّ ت سنة ٣٢٤ ه المنتسب إلى أبي موسى الأشعري ـ رضي الله عنه وسمعت من عجيب الاتفاقات أن أبا موسى الأشعري ـ رضي الله عنه ـ كان يقرر عين ما يقرره الأشعريّ أبو الحسن فى مذهبه قال أبو الحسن : الباري تعالى عالم بعلم ، قادر بقدرة ، حي بحياة ؛ مريد متكلم بكلام الخ.
راجع الملل والنحل ج ١ ص ٩٤ ، ٩٥.