فالقول بأزلية الصفات لا تستلزم القول بقدمها لكونه أخص ، فإن القديم (١) هو الأزل القائم بنفسه ، ولو سلم أن كل أزلي قديم. فلا نسلم أن القول بتعدد القديم مطلقا كفر بالإجماع ، بل في القدم الذاتي بمعنى عدم المسبوقية بالغير ، وقدم الصفات زماني ، بمعنى كونها غير مسبوقة بالعدم.
ولو سلم أن القول بتعدد القديم كفر ذاتيا كان أو زمانيا ، فلا نسلم ذلك في الصفات، بل في الذوات خاصة ، أعني ما تقوم بأنفسها. والنصارى وإن لم يجعلوا الأقانيم القديمة ذوات ، لكن لزمهم القول بذلك حيث جوزوا عليها الانتقال! ، وقد سبق بيان ذلك ، وقوله تعالى : (وَما مِنْ إِلهٍ إِلَّا إِلهٌ واحِدٌ) (٢) بعد قوله : (لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللهَ ثالِثُ ثَلاثَةٍ) (٣) شاهد صدق على أنهم كانوا يقولون بآلهة ثلاثة. فأين هذا من القول بإله واحد له صفات كمال كما نطق بها كتابه.
__________________
(١) القديم في اللغة : ما مضى على وجوده زمان طويل ؛ ويطلق في الفلسفة العربية على الموجود الذي ليس لوجوده ابتداء ويرادفه الأول : قال ابن سينا : «يقال قديم للشيء إما بحسب ذاته وإما بحسب الزمان فالقديم بحسب الذات هو الذي ليس لذاته مبدأ هي به موجودة. والقديم بحسب الزمان لا أول لزمانه».
راجع النجاة لابن سينا ص ٣٥٥.
(٢) سورة المائدة آية رقم ٧٣.
(٣) سورة المائدة آية رقم ٧٣.