قال صاحب التبصرة (١) ، وكذا تفسيرهما بالشيئين من حيث إن أحدهما ليس هو الآخر ، لصدقه على الكل مع الجزء كالعشرة مع الواحد ، وزيد مع رأسه مع أنه لم يقل أحد بكون الجزء غير الكل إلا جعفر بن حرب (٢) من المعتزلة ، وعدّ هذا من جهالاته ، لأن العشرة اسم للمجموع لا يتناول لكل فرد مع أغياره (٣) فلو كان الواحد غير العشرة لصار غير (٤) نفسه ، لأنه من العشرة ؛ ولن تكون العشرة بدونه وقال أيضا : كل الشيء ليس غيره ، لأن الشيء لا يغاير نفسه.
وأعجب من هذا من قال : لو كان الغيران هما الاثنان لكان الغيران والاثنان ليس بمستعمل ، والغير مستعمل.
والقول ما قال إمام الحرمين : إن إيضاح معنى الغيرين مما لا يدل عليه قضية عقلية ، ولا دلالة قطعية سمعية ، فلا يقطع ببطلان قول من قال : «كل شيئين غيران» نعم يقطع بالمنع من إطلاق الغيرية في صفات الباري وذاته لاتفاق الأمة على ذلك.
ثم قال : ولا يتحاشى من إطلاق القول ، بأن الصفات موجودات ، والعلم مع الذات موجودان ، وكذا جميع الصفات ، فظهر أن القول بالتعدد لا يتوقف على القول بالتغاير.
فقولنا : ولو سلم معناه لو سلم التغاير ، أو التعدد بدون التغاير.
__________________
(٥٠) هو أبو المعين ميمون بن محمد النسفي المتوفى سنة ٥٠٨ ه وكتابه مجلد ضخم أوله : أحمد الله تعالى على
(١) مننه .. الخ جمع فيه ما جل من الدلائل في المسائل الاعتقادية وبين ما كان عليه مشايخ أهل السنة وأبطل مذاهب خصومهم ومن نظر فيه علم أن متن العقائد لعمر النسفي كالفهرس لهذا الكتاب.
(٢) هو جعفر بن حرب الهمدانيّ : من أئمة المعتزلة. من أهل بغداد. أخذ الكلام عن أبي الهذيل العلاف بالبصرة. وصنف كتبا. قال الخطيب البغداديّ إنها معروفة عند المتكلمين. وإن له اختصاص بالواثق العباسيّ.
قال المسعوديّ وإلى أبيه يضاف شارع «باب حرب» في الجانب الغربي من مدينة السلام توفي سنة ٢٣٦ ه.
راجع تاريخ بغداد ٧ : ١٦٣ ، ومروج الذهب ٢ : ٢٩٨.
(٣) في (ب) مع اعتباره.
(٤) في (أ) بزيادة (غير).