ولو سلّم ، فالتماثل لا يوجب تساويهما في القدم أو الحدوث لجواز اختلاف المتماثلات في الصفات ،! كالوجودات على رأي المتكلمين.
الثاني : لو كان عالما بالعلم لكان له علوم غير متناهية لأنه عالم بما لا نهاية له والعلم الواحد لا يتعلق إلا بمعلوم واحد ، وإلا لما صح لنا أن نعلم كونه عالما بأحد المعلومين ، مع الذهول عن علمه بالمعلوم الآخر ، ولجاز أن يكون علمه الواحد ، قائما مقام العلوم المختلفة في الشاهد للقطع ، بأن علمنا بالبياض يخالف علمنا بالسواد ، ولو جاز هذا لجاز أن يكون له صفة واحدة تقوم مقام الصفات كلها بأن يكون علما وقدرة وحياة وغير ذلك ، بل تقوم الذات مقام الكل.
ويلزم نفي الصفات. وإذا لم يتعلق العلم الواحد إلا لمعلوم واحد لزم أن يكون له بحسب معلوماته الغير المتناهية علوم غير متناهية ، وهو باطل وفاقا واستدلالا بما مرّ مرارا من أن كل عدد يوجد بالفعل فهو متناه.
فإن قيل : فكيف جاز أن تكون المعلومات غير متناهية ..؟
قلنا : لأن المعلوم لا يلزم أن يكون موجودا في الخارج. والجواب : أنه لا يمتنع تعلق العلم الواحد بمعلومات كثيرة ، ولو إلى غير نهاية وما ذكر في بيان الامتناع ليس بشيء لأن الذهول إنما هو عين التعلق بالمعلوم الآخر ، وعلمنا أيضا بالسواد والبياض لا يختلف إلا بالإضافة ، ولو سلم فيقام علمه مقام علوم مختلفة لا يستلزم جواز قيام صفة واحدة له مقام صفات مختلفة الجنس.
الثالث : لو كان الباري ذا علم لكان فوقه عليم لقوله تعالى : (وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ) (١).
واللازم باطل قطعا. والجواب منع كونه على عمومه. والمعارضة بالآيات (٢) الدالة على ثبوت العلم كما مرّ.
__________________
(١) سورة يوسف آية رقم ٧٦.
(٢) قال تعالى : (وَسِعَ رَبِّي كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً) سورة الأنعام آية رقم ٨٠.
وقال أيضا : (لكِنِ اللهُ يَشْهَدُ بِما أَنْزَلَ إِلَيْكَ أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ) سورة النساء آية ١٦٦.