من الملك ، وأنتم مخصوصون منّا بأكرم إيثار (١) ، فاستديموا وفاءنا بوفائكم (٢) ، واستصلحوا إخاءنا بإصلاح إخائكم ، والله [وليّ] (٣) التّوفيق لنا ولكم ، والسلام» (٤).
ففرح بكتابه ابن عبّاد وملوك الأندلس ، وقويت نفوسهم على دفع الفرنج ، ونووا إن رأوا من ملك الفرنج ما يريبهم أن يستنجدوا بابن تاشفين. وصارت لابن تاشفين بفعله محبّة في نفوس أهل الأندلس (٥).
ثمّ إنّ الأذفونش ألحّ على بلاد ابن عبّاد ، فقال ابن عبّاد في نفسه : إن دهينا من مداخلة الأضداد ، فأهون الأمرين أمر الملثّمين ، ورعاية أولادنا جمالهم أهون من أن يرعوا خنازير الفرنج. وبقي هذا الرّأي نصب عينيه (٦) ، فقصده الأذفونش في جيش عرمرم ، وجفل النّاس ، فطلب من ابن تاشفين النّجدة ، والجهاد. وكان ابن تاشفين على أتمّ أهبة ، فشرع في عبور جيشه. فلمّا رأى ملوك الأندلس عبور البربر للجهاد ، استعدّوا أيضا للنجدة ، وبلغ ذلك الأذفونش ، فاستنفر دين النّصرانيّة ، واجتمع له جنود لا يحصيهم إلّا الله.
ودخل مع ابن تاشفين شيء عظيم من الجمال ، ولم يكن أهل جزيرة الأندلس يكادون يعرفون الجمال ، ولا تعوّدتها خيلهم ، فتجافلت منها ومن رغائها وأصواتها.
وكان ابن تاشفين يحدق بها عسكره ، ويحضرها الحروب ، فتنفر خيل الفرنج عنها.
وكان الأذفونش نازلا بالزّلّاقة (٧) بالقرب من بطليوس ، فقصده حزب الله ،
__________________
(١) في الوفيات «وإنكم مما بأيديكم من الملك في أوسع إباحة ، مخصوصون منّا بأكرم إيثار وسماحة».
(٢) في الأصل تقرأ : «يوفا بكم».
(٣) إضافة على الأصل.
(٤) وفيات الأعيان ٧ / ١١٥.
(٥) وفيات الأعيان ٧ / ١١٥.
(٦) وفيات الأعيان ٧ / ١١٥ ، الروض المعطار ٢٨٨ ، البيان المغرب ٤ / ١٣٢.
(٧) قال الحميريّ في «الزّلّاقة» : بطحاء الزّلّاقة من إقليم بطليوس من غرب الأندلس فيها كانت