وإن شئت قلت : الأمر دائر بين الخروج الفردي الذي هو نفس المحذور وبين الدخول الفردي الذي هو مستلزم للمحذور ، والمستلزم للمحذور أيضا كنفس المحذور.
لا يقال : الدليل على التقييد موجود وهو حكم العقل بعدم جواز الترخيص في المخالفة القطعيّة ، لكونه ترخيصا في الظلم ، بل في أقبح أفراده.
لأنّا نقول : الحكم العقلي المنافي مع انعقاد أصالة الإطلاق هو الارتكاز الذي يصلح الاتكال عليه في صرف الكلام عن ظاهره ، لكونه حاضرا في ذهن الطرفين ، بحيث كان كلّ من سمعه يفهم منه خلاف ظاهره ، لوجود القرينة الارتكازيّة في ذهنه وحضوره لدى استماعه ، وليس هكذا الحكم العقلي في المقام كما هو واضح.
ثمّ من الأمثلة العرفية الشاهدة للمقام ما إذا قام أمارة معتبرة على أنّ هذا الطفل مثلا ابن زيد ، وقامت اخرى على أنّ الزيد لا يقتل ابنه ، فرأيناه قتل ذلك الطفل ، فنرى من انفسنا الشكّ والتردّد في نقض الأمارة الاولى والحكم بأنّه ليس ابنا لزيد ، أو نقض الثانية والحكم بأنّه يقتل ابنه ، مع أنّ مورد الأمارة الثانية متأخّر رتبة عن مورد الاولى ، ومجرّد ذلك لا يوجب حكمنا بأنّه ابنه وإيراد النقض على الثانية ورفع اليد عن أنّه لا يقتل ابنه.
فإن قلت : فما وجه تسالمهم على تقديم الأصل الموضوعي على الحكمي؟
قلت : الوجه كون الأصل الموضوعي مزيلا للشكّ في الموضوع للحكمي ولا عكس ، فالأوّل حاكم والثاني محكوم ، نعم لازم ما ذكرنا عدم تماميّة ما ذكروا بناء على حجيّة الأصل المثبت ، إذ يشترك الحكومة حينئذ بينهما ، وينحصر الوجه في التقدّم الرتبي كما لا يتمّ في الأمارتين.
وفي هذا الجواب نظر ، بل منع بملاحظة أنّ التخصيصين فيها طرح الظهور أزيد من التقييدين كما هو واضح ، نعم لو قلنا بأنّ الأحد المخيّر من أفراد العام فللترديد وجه ، لكن لا ثمرة بينهما عمليّة ، وأمّا إذا قلنا بأنّ الأحد المخيّر ليس من أفراده