على ما فسّرناها من أنّ المراد الشيء الخارجي المشتمل على الحلال والحرام خارجا ولم يتميّزا ، والقرينة على عدم التمييز والاختلاط قوله في الذيل : بعينه.
ثمّ إطلاق الخبر شامل لما إذا ارتكب الجميع ، لكن يجب تقييده بغير هذا وهو الارتكاب بمقدار لا يلزم المخالفة القطعيّة ، ويمكن أن يقال : إنّ الظاهر من الخبر هو الشيء الخارجي المشتمل على القسمين مع تعارف اختلاط أحد قسميه بالآخر ، كما هو الحال في النقود والأجناس السوقيّة ، فإنّ اللحم مثلا له المذكّى والميتة هما مختلطان نوعا ، والجبن مثلا له الطاهر والنجس ، ولا يتميّزان حسب العادة ، وهكذا كلّ جنس فيه السرقة وغيرها مثلا ولم يتميّزا نوعا.
والحاصل : اريد من «الشيء» العنوان الأوّلي الذاتي من مثل الدهن والجبن والنقد وغير ذلك ، واعتبر على نحو الكلّي في المعيّن ، فيشمل كلّ نوع يشار به إلى أفراده في الخارج وكان اختلاط القسمين فيها متداولا ، فيخرج ما لم يكن الاختلاط فيه كذلك ، مثلا الماء حلال والخمر حرام ، فيصحّ أن يقال : المائع ـ ويشار به إلى الأفراد الخارجيّة على نحو الكلّي في المعيّن ـ فيه حلال وحرام ، ولكنّ القسمين منه في الخارج متمايزان ، فإنّ مياه الدنيا ممتازة عن خمورها ، فإذا صار بالاتفاق ماء مشتبها بخمر فلا يشمله الحديث الشريف ، والدليل على ما ذكرنا هو التبادر والانصراف.
ثمّ لا فرق حسب إطلاق الخبر بين ما إذا كان الاشتباه المتعارف من قبيل المحصور أعني اشتباه القليل في القليل ، والكثير في الكثير ، وبين أن يكون من غير المحصور أعني اشتباه القليل في الكثير ، بل نقول مضافا إلى دلالة الخبر على ما ذكر : إنّا نرى العمل الخارجي والسيرة من المتديّنين على المعاملة مع الأجناس السوقيّة وما يشابهما مع حصول العلم بأنّ فيما بينها النجس والحرام معاملة الطهارة والحليّة ما لم يعلموا النجس والحرام بشخصها.
والقول بأنّ ذلك لا ينفكّ إمّا عن عدم انحصار الشبهة ، وإمّا عن لزوم الحرج في الاجتناب ، أو عن خروج بعض الأطراف عن محلّ الابتلاء ، مدفوع بأنّ الاشتباه في هذه الامور من اشتباه الكثير في الكثير وهو من المحصور ، ولو كان