يجعل غرض المولى أعلى بالنسبة إلى غرض نفسه ، فكلّما تزاحم الميلان وكان كلاهما مقطوعين بحيث اقتضى أحدهما الوقوع والآخر اللاوقوع اختار جانب إرادة المولى ، فلو كان في شرب الخمر غرض نفساني اقتضى وقوعه ، والفرض أنّ ميل المولى وغرضه مقتض للّاوقوع وجب عليه تقديم اللاوقوع.
وكذا كلّما وصل إليه من المولى كبرى مهتمّة وجب أيضا مراعاة محتمله وتقديمه على الغرض القطعي لنفسه كما في باب الدماء والفروج.
ولهذا لو كان شخص مردّدا بين مهدور الدم ومحقونه حرم قتله ، ولو تردّد امرأة بين كونها زوجته أو أجنبيّة حرم وطئها ، وأمّا في غير ذلك ممّا يكون للعبد غرض قطعي يقتضي الوقوع مثلا ، وللمولى غرض احتمالي يقتضي عدمه ولم يصل منه كبرى اهتماميّة ـ كما هو محلّ الكلام ـ فلا حجّة للمولى على عبده ؛ إذ لم يعامل مع أغراض المولى إلّا مثل معاملته مع أغراض نفسه ، ولو كان للمولى غرض اهتمامي كان عليه البيان ، فحيث ما بيّن ليس له حجّة ، لما عرفت من أنّ العبد يقدّم الغرض الأدنى المقطوع على الأعلى المحتمل ما لم يكن اهتماميّا.
لا يقال : ليس في مقامنا وهو الإقدام على الشبهات نفع شخصي قطعي للعبد في قبال ما يحتمل من غرض المولى.
لأنّا نقول : لا يعقل أن يصدر من العاقل عمل بدون غرض إليه ، بمعنى أنّه وإن كان يمكن الاختلاف شدّة وضعفا في الدواعي إلّا أنّه ما لم ينقدح في نفسه الإرادة الحتميّة والشوق المؤكّد لا يمكن أن يصدر عنه العمل.
لا يقال : سلّمنا الغرض القطعي لنفسه ، لكنّ الغرض المحتمل للمولى مردّد بين الاهتمامي وغيره ، ولا شكّ أنّه في أغراض نفسه لو تردّد الخطر المحتمل بين المهتمّ وغيره لما كان مقدما (١).
__________________
(١) حاصل الإشكال أنّه لو بنينا على ما ذكر من وجوب تحصيل أغراض المولى على وجه أكمل من أغراض نفسه ، فنقول : لا شبهة أنّ الإنسان كما يحتاط في مورد إحراز كون كبرى الغرض على تقدير انطباقها على المورد اهتماميّة ، كذلك لو دار أمرها بين الاهتماميّة وغيرها ، ومجرّد كون الاهتمام حينئذ يصير محتملا في محتمل حيث إنّه محتمل على تقدير محتمل لا يوجب الفرق ؛ إذ ـ