لأنّا نقول : نعم الأمر كما ذكرت في أغراض نفسه ، ولكنّه من جهة أنّ ما يحتمله من الخطر الاهتمامي يكون من بين كبريات معلومة من قطع الرأس وشقّ البطن وهتك العرض وغير ذلك ، وأمّا في المقام فليس كبرى اهتماميّة معلومة
__________________
ـ بالأخرة هو يحتمل كون هذا الشرب مثلا مورثا لهلاكه ، فلا محالة يحتاط منه.
وحينئذ نقول هذا المعنى موجود فى كل مقام شك فى تطبيق كبرى شرعية ملزمة عليه إلّا اذا احرز انها على تقدير الوجود والانطباق غير اهتمامية وإلّا فبعد القطع بانّ للشارع كسائر ذوى الاغراض قسمين من الاغراض اهتماميّا وغيره فلا محالة فى كل مورد شبهة يحتمل كون الغرض على تقدير الوجود من كل واحد من القسمين.
فالإنصاف عدم تماميّة هذا الوجه لحسم المادّة ، فالوجه أن يقال : لا بدّ من ملاحظة الطريقة المسلوكة بين الموالي والعبيد الظاهريّة ، وإذا راجعناهم نراهم يتمسّكون في قبال الموالي بقول : «ما علمت بارادتك» ، فيجعلون الحجّة مطلقا هو العلم ، فإن كان التكليف معلوما فهو ، وإن قام عليه طريق علمي فهو أيضا منته إلى العلم ، وإن لم يكن شيء منهما لكن علم أنّ التكليف على تقدير ثبوته اهتمامي يستكشف إيجاب الاحتياط ويكون هو الحجّة العلميّة ، لا أنّ نفس الشكّ والاحتمال حجّة ، وإن علم أنّ على تقدير الثبوت غير اهتمامي فيقطع بعدم الحجّة ، وإن كان مردّدا بين الأمرين فإيجاب الاحتياط الذي هو الحجّة لا يكون حينئذ علميّة ، وقد فرضناه المعيار دون نفس الاحتمال حتى يقال : المحتمل في المحتمل محتمل.
وأمّا دعوى أنّه مع فرض كون المعيار إيجاب الاحتياط أيضا وهو في هذا الفرض موجود ، فيكذّبه مراجعة ما هو المتعارف بين الموالي والعبيد ، فإنّهم في موارد احتجاجاتهم بعدم العلم كثيرا ما يحتملون بين الكبريات المحتمل انطباقها وجود الاهتمامي ، وليس كلّ مورد معلوم الحال عندهم.
ومن هنا يظهر وجه اندفاع أنّ احتجاجهم إنّما هو في مورد الغفلة وعدم الالتفات رأسا ، فإنّه أيضا يكذّبه الوجدان والعيان ، وكذلك اندفاع دعوى اختصاص ذلك بالموالي والعبيد المتجاورين ، حيث إنّ السكوت مع كونه حاضرا واصل اليد إلى العبد طريق عقلائي إلى عدم الإرادة ، وأمّا العبيد البعيدون عن الموالي إذا احتملوا أنّ المولى لو كان حاضرا لما سكت ، بل كان يأمر أو ينهى ، فليس لهم طريق عقلائي إلى العدم ، وحالنا مع الشارع هكذا ، لأنّا نحتمل صدور التكليف منه واقعا واختفائه علينا ، فإنّ ذلك أيضا يكذّبه الوجدان ، فإنّ صريح احتجاجهم بقول : «ما علمت» في العربيّة و «چه مى دانستم» في الفارسيّة أنّ المعيار هو العلم لا مجرّد الاحتمال. منه قدسسره.