نعم غاية ما يمكن أن يكون وجها لعدم الوجوب في الشبهة الغير المحصورة أن يقال : إنّ كثرة الأطراف بلغت إلى حدّ صار احتمال وجود المعلوم بالإجمال في طرف بعينه في الضعف بمرتبة لا يعتنى به العقلاء ولا يتبعون هذه المرتبة من الوهم في امورهم ، بل يعاملون مع خلاف هذا الاحتمال الذي هو الاطمئنان معاملة العلم ، ووجه كون الكثرة موجبة لذلك أنّ متابعة الاحتمال في طرف بعينه يجب أن يكون بطرح هذا الاحتمال في مائة فرد آخر وأخذه في خصوص هذا المعيّن ، ومن المعلوم أنّ هذا يوجب كون الاحتمال في هذا من باب الوهم الضعيف.
والشاهد على هذا أنّك لو اخبرت بموت واحد من أهل البلد المتّسع وكان لك فيه أقارب وكان هذا الأحد مردّدا بين جميع أهل البلد ، فهل تجد من نفسك الاضطراب من جهة احتمال كونه بعض أقاربك؟ ، وليس إلّا لأنّ تعيين هذا الأحد من بين مائة ألف نفس في أخيك أو أبيك يكون في الضعف بمكان.
وهذا الوجه غير صحيح لأنّه مستلزم لجمع المتناقضين في عالم الخيال ، فإنّ
__________________
ـ بلا تأثير وتنجيز ففيه أنّه سلّمنا عدم ترتّب أثر العلم على هذا العلم ، لكن لا يقصر حاله عن الشكّ ، فغاية الأمر عدم البيان العلمي على جانب العلم ، لا وجود البيان على الخلاف ، ولازم هذا أن يعامل مع الشبهة الغير المحصورة معاملة الشبهة الابتدائيّة ، فيعمل بالأصل الجاري فيها حسب اختلافه باختلاف المقامات ، ففي مشكوك الطهارة والنجاسة هو الطهارة ، وفي مشكوك الحليّة والحرمة هو الحليّة ، لكن في الماء المشكوك إضافته وإطلاقه مثلا الأصل عدم التوضّي به ، لاشتراط إحراز الإطلاق علما أو استصحابا في جواز التوضّي به ، فليس الأصل في جميع الموارد مساعدا لعدم الاجتناب ، فلا يصحّ دعواه على وجه الكليّة المستلزمة لجواز التوضّي بالمشتبه بالمضاف في غير المحصور.
نعم لو تمّ ما ذكر في المتن من كون الاحتمال في الشبهة الغير المحصورة ضعيفا وموهوما وبعيدا لا يعتدّ به العقلاء سلم عن هذا الإشكال ؛ إذ عليه يتحقّق البيان على الجانب المخالف وهو الاطمئنان بعدم وجود المعلوم بالإجمال في كلّ فرد معيّن اشير إليه من غير المحصور بالبيان المذكور في المتن. پس هم علم كلا علم است وهم احتمال كلا احتمال است. منه عفي عنه وعن والديه.