الواقع أم الأكثر كان العلم بوجوب الأقلّ حجّة عليه ، وما المراد بالاشتغال إلّا كون الوجوب المحتمل في أحد الأطراف بحيث كان العقاب على مخالفته على تقدير وجوده واقعا مع حجّة وبيان.
وحينئذ فنفس احتمال العقوبة يكون كافيا في الرادعيّة والمحرّكيّة والقائل بالبراءة يحتاج إلى إثبات أنّ نفس التكليف ولو كان محتملا ، لكنّ العقاب مقطوع العدم ، وحينئذ فما معنى قولك بعد ذلك : إنّ الوجوب على تقدير تحقّقه في الأكثر غير منجّز ويكون حكم العقل فيه هو البراءة ، وهل هذا إلّا الخلف والتناقض في المقال حيث تعترف عند الحكم بأنّ الوجوب في الأقلّ على تقدير المقدميّة لازم الإطاعة ومنجّز بأنّ وجوب الأكثر على هذا الفرض لازم الإطاعة ومنجّز ، فإنّ تنجيز المقدّمة فرع تنجز ذيها ثمّ تقول بعد ذلك : إنّ وجوب الأكثر مشكوك بدوى غير لازم الإطاعة عقلا ، وهذا تناقض صريح ورفع اليد عن الفرض المبتنى عليه الكلام.
وأيضا يلزم من وجود الانحلال عدمه ؛ إذ هو مستلزم لعدم تنجّز التكليف على تقدير تحقّقه في الأكثر وهو موجب لعدم الانحلال كما هو واضح.
فإن قلت : ما المانع من التفكيك في تنجّز الأكثر وإن كان بحسب الطلب والإرادة لم يتعلّق طلب بجزء في حال فقد الجزء الآخر ، لفرض وحدة الطلب ، ولكن حفظ هذا الأكثر المطلوب بالطلب الواحد ليس على عهدة العبد إلّا من جهة سدّ باب عدمه من ناحية الجزء المعلوم دون الجزء المشكوك.
قلت : أنت إذا سلّمت أنّ التكليف بالأكثر على تقدير ثبوته داخل تحت حكم العقل بالإطاعة كيف يمكن أن يكون الإتيان بشيء يكون كضمّ الحجر وأجنبيّا صرفا عن المطلوب والمأمور به رافعا للعقوبة وتركه مورثا لها على مخالفة ذلك التكليف ، وهل هذا إلّا من المضحكات؟
فالنافع بحال القائل بالبراءة إثبات أنّ التكليف النفسي لو كان متعلّقا بالأكثر لا تنجيز له أصلا وأنّه يكفي في الانحلال كون الطلب المعلوم في الأقلّ ذا أثر على