القيام لديه يصير الحكم فعليّا بمجرّد ذلك ، وفى الثاني لا يصير فعليّا إلّا بعد تحقّق الطلوع والقيام ، فوجوب الصوم من القبيل الأوّل ، ووجوب الصلاة من الثاني ، ولهذا يكفي الاستصحاب التعليقي لإثبات وجوب الصوم ، ولا يكفي هنا فى الحكم بأنّ هذه الصلاة هي ما أمر بها الشارع إلّا إحراز أنّها مقيّدة بالقيد العدمي ، والاستصحاب التعليقي لا يثبت ذلك وليس له أيضا حالة سابقة ؛ لأنّ هذه الصلاة من أوّل وجودها مشكوكة الحال.
والحاصل أنّ الاستصحاب التعليقي مفيد للأثر المترتّب على نفس التعليق وغير مفيد للأثر المترتّب على فعليّة المعلّق ، فافهم ما ذكرنا فإنّه لا يخلو عن دقّة.
ويمكن توجيه الاستصحاب التعليقي هنا بناء على أحد المباني فى القضايا التعليقيّة وتوضيحه ببيان الحال فى تلك القضايا ، فنقول : أمّا القضيّة التعليقيّة التي يكون المعلّق فيها الحكم مثل «إن جاءك زيد فأكرمه» فقد اختلف الآراء فى تعيين ما ينشئه المتكلّم فيها ، ومن جملتها ما ذهب إليه المحقّق الطوسي قدسسره وهو أنّه ينشئه الوجوب المعلّق ، فكما أنّ الوجوب المطلق له وجود اعتباري فالوجود المعلّق أيضا له وجود اعتباري قابل للإنشاء جدّا ، ولازمه الفعليّة لدى فعليّة المعلّق عليه.
والمختار أنّه ينشأ فى تلك القضايا نفس الوجوب بدون التعليق ، لكن مبتنيا على فرض وجود المعلّق عليه ، فكما أنّه لو كان المجيء المعلّق عليه محقّقا في الخارج ينشأ وجوب الإكرام بدون التعليق ، كذلك إذا فرضه موجودا ونظرا إلى وجوده الخارجي بالنظر الفراغي ينشأ أيضا وجوب الإكرام بدون التعليق ، وإذن فالإنشاء في القضايا التعليقيّة يكون كالإنشاء في الخالية عن التعليق بلا فرق ، غاية الأمر أنّ الوجوب المنشأ في القضيّة التعليقيّة لما يكون مبتنيا على فرض وجود المعلّق بالفرض الحاكي عن الخارج توقّف تأثيره في نفس المخاطب على وجود هذا الفرض في الخارج.
وأمّا القضيّة التعليقيّة التي يكون المعلّق فيها الموضوع فهي إمّا إخباريّة وإمّا