بقى الكلام فى العجز الطاري فى الوقائع المتعدّدة ، فنقول : لا إشكال فى عدم جريان الاشتغال العقلي هنا كما كان جاريا فى العجز الطاري فى الواقعة الشخصيّة ، وذلك لأنّ الشكّ هنا فى أصل ثبوت التكليف فى نفس الواقعة لا فى سقوطه فى جزئها اللاحق بعد تنجّزه وثبوته فى جزئها السابق ، وأمّا التنجز والثبوت فى الوقائع السابقة فلا يصلح موضوعا لحكم العقل فى هذه الواقعة المفروض كونها واقعة برأسها أجنبيّة عن تلك الوقائع.
كما أنّه لا محلّ للتّمسك : بقاعدة «الميسور لا يسقط بالمعسور» لثبوت التكليف فى الباقي بتقريب أنّ الأجزاء والشرائط المقدورة محكومة بحكم القاعدة ببقاء حكمها الثابت لها فى الوقائع المتقدّمة وعدم سقوطه فى هذه الواقعة بواسطة معسوريّة الجزء أو الشرط المعجوز عنها.
ووجه عدم المحلّ أمّا أوّلا فلأنّ الظاهر من هذه القاعدة وأمثالها كونها واردة فى مقام الإرشاد والموعظة ، ومحلّ النظر فيها ما إذا كان فى البين امور متعدّدة راجحة بحيث كان كلّ منها موضوعا على حدة للرجحان ، سواء كان الرجحان وجوبيّا أم استحبابيا ولم يتمكّن المكلّف من إتيان مجموعها ، ولكن تمكّن من البعض ، كما أنّ ذلك أيضا هو الحال فى استعمالاتها العرفيّة ، فنراهم يستعملونها فى حقّ من كان دأبه الإحسان إلى غيره بمقدار عشرة توامين مثلا لا أنقص من هذا المقدار ، فعجز عن هذا المقدار فى زمان مع التّمكن من بعضه ، وكذلك يستعملونها فى الواجبات ، فنراهم يستعملونها فى حقّ من كان عليه دين بمقدار عشرة توامين فلم يتمكّن من أداء تمامه مع التمكّن من أداء بعضه.
وبالجملة ، فاستعمال الشارع لها ليس مغايرا لهذه الاستعمالات وليس الغرض منها فى كلام الشارع تشريع الحكم وإنشائه فى أجزاء المركّب المأمور به عند فقد التمكّن من بعض أجزائه وشرائطه مع بقائه بالنسبة إلى الباقي ، ووجه ذلك أنّه