إمّا يستصحب الوجوب النفسي بدعوى الاتّحاد العرفي فى الموضوع ، وهو نظير استصحاب الكرّية فى الماء الذي نقص عن الكمّ الذي كان عليه فى حال اليقين بالكريّة.
فنقول : أمّا الوجه الأوّل فمخدوش بأنّ العرف يفرّقون بين الإرادة الغيريّة والإرادة النفسيّة ، ووضوح الفرق بينهما بمثابة لا يصحّ أن ينسب الجهل به إلى أهل العرف ، وأمّا الوجه الثاني فهو وإن كان سليما عن الخدشة فى أصل القسم الثالث من استصحاب الكلّي ، فإنّ التحقيق صحّته وعدم توقّف بقاء الكلّي على بقاء فرده وصدقه مع تبدّل الفرد.
ولكن يرد عليه أنّ جعل الجامع جائز إذا كان له أثر ، وأمّا إذا كان حكما بلا أثر فلا معنى لجعله بوصف جامعيّته بمعنى عدم انجعال شيء من خصوصياته ، فكما لا يمكن أن يتحقّق النوع فى الخارج بوصف نوعيته فكذلك لا يمكن أن يتحقّق الإرادة فى النفس بوصف جامعيّتها بين الغيريّة والنفسيّة ، وهذا من البداهة بمكان.
بقي الوجه الثالث ، والتحقيق سلامته عن الخدشة وعليه يلزم اختلاف الحكم حسب اختلاف الموارد فى صدق الاتّحاد العرفي ، وهو غير منوط بمجرّد المعظميّة فى الكمّ ، فإنّه ربّما يكون انتفاء الجزء اليسير معدما للموضوع بنظر العرف لكثرة دخله والاهتمام بشأنه ، هذا حال الاستصحاب.
وأمّا القاعدة فبعد حملها على العموم الأجزائي بإحدى المسامحات الثلاث يصير حالها كحال الخبرين الآخرين ، أحدهما النبوي صلىاللهعليهوآله «إذا أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم» والاخرى العلوي عليهالسلام «ما لا يدرك كلّه لا يترك كلّه» تقريب الاستدلال بالأوّل أنّ الظاهر كون «من» تبعيضيّة و «ما» موصولة ، فيكون المعنى : إذا أمرتكم بشيء ذي تعدّد ولم تقدروا على بعضه فأتوا بعضه الذي استطعتم ، وقيد التعدّد وعدم القدرة لا يحتاج إلى تقديرهما ، لأنّهما مستفادان من قوله : «منه» ومن قوله : «ما استطعتم» ، وأمّا كون «من» تبيينيّة أو