زائدة أو بمعنى الباء و «ما» مصدريّة زمانيّة على الكلّ لتكون الرواية مساوقة لأدلّة الحرج ويكون المعنى أنّ الأوامر الشرعيّة باقية ما دام الاستطاعة على متعلّقاتها ، فهو خلاف الظاهر، بل الأوّل وهو كون «من» تبيينيّة غير محتمل ، لعدم مسبوقيّته بمجمل كما فى خاتم من فضّة.
وتقريب الاستدلال بالثاني أنّه يتعيّن كون الكلّ الأوّل مجموعيّا ، والثاني استغراقيّا ؛ إذ لا يستقيم المعنى على كونهما استغراقيّين أو مجموعيين ، أو كون الأوّل استغراقيا ، والثاني مجموعيّا كما هو واضح ، ولكن لا يخفى أنّه يحتاج مع ذلك إلى ظهور الروايتين فى العموم الأجزائي والحكم التشريعي ، دون ما تقدّم ذكره من العموم الأفرادي والإرشاد العقلي ، فبعد هذا الظهور يصير حال الروايتين كحال رواية الميسور بعد إحدى المسامحات الثلاث.
وحينئذ فنقول : يرد على الكلّ أنّ الحمل على العموم الأجزائي مستلزم للتخصيص المستبشع وكون الخارج عن الروايات أكثر من الداخل فيها ، وذلك لكثرة الواجبات المركّبة التي لا يجب بعض أجزائها عند عدم التمكّن من بعضها الآخر كالصوم والحجّ والغسل والوضوء وغير ذلك ، وكلّما ورد فى كلام الحكيم عامّ أو مطلق كان حمله على عمومه أو إطلاقه مستلزما لمثل هذا التخصيص ، فلا بدّ من الالتزام فيه بأحد أمرين صونا لكلامه عن البشاعة ، أحدهما أن يقال : إنّه يكشف ذلك عن وجود قيد متّصل بالكلام مقالي أو حالي كان الخارج معه قليلا أو معدوما ، وصار هذا القيد مفقودا علينا بواسطة عدم نقل الرواة ، والثاني أن يقال : إنّ المراد معنى آخر غير ما هو ظاهر الكلام ، وعلى كلّ حال فيسقط الكلام عن قابليّة التمسّك بعمومه أو إطلاقه ما لم يتأيّد بعمل العلماء رضوان الله عليهم ، فإنّه يستكشف بعملهم كون المقام من موارد ثبوت ذاك القيد المفقود علينا.
وحينئذ فنقول : أمر هذه الروايات دائر بين أمرين ، الأوّل : الحمل على العموم