ساعتين وكان أوّل بلوغه مصادفا لوقت الواجب المشروط وكان ترك التعلّم فيها تين الساعتين مؤدّيا إلى ترك هذا الواجب في اول بلوغه ، فإنّ إيجاب التعلّم هنا مستلزم للإيجاب على الصبي وقد رفع عنه القلم ، فهل يقال حينئذ بارتفاع هذا التكليف المشروط في أوّل البلوغ عنه بسبب وقوع مقدّمته في زمان عدم البلوغ؟ أو يقال بأنّ الصبي وإن كان غير مكلّف شرعا ، ولكنّه عاقل ذو تميز ويعلم بأنّ الصلاة مثلا تصير واجبة عليه بعد ساعتين ، وأنّ ترك الواجب مفض إلى العقاب وأنّ ترك التعلّم مفض إلى ترك الصلاة ، فيستقلّ العقل بإيجاب التعلّم عليه ، ومع ذلك فلو تركه فصارت الصلاة منتركة لأجله يصدق أنّ انتراك الصلاة مستند إلى اختياره.
ويمكن أن يتمسّك لارتفاع التكليف المذكور في أوّل البلوغ بحديث رفع القلم عن الصبي ، فإنّه كما يدلّ على ارتفاع التكليف الفائت في حال الصباوة ، يدلّ على ارتفاع التكليف الفائت في حال الكبارة ، مستندا إلى الاختيار في حال الصباوة ، فهو نظير دليل ارتفاع وجوب قضاء الصلاة عن الحائض ، فإنّه يدلّ على ارتفاع قضاء الصلاة الفائتة في حال الطهر إذا كان فوتها مستندا إلى الحيض ، كما إذا كان وقت الطهر ضيّقا عن الصلاة ومقدّماتها ، لاستيعاب الحيض سائر الوقت.
فتحقّق من جميع ما ذكرنا أنّ المرجع في تقييد الإطلاقات في الشبهات الحكميّة هو الأخبار الخاصّة الدالّة على وجوب تحصيل العلم ، وحينئذ فلا بأس في التكلّم في أنّ وجوب تحصيل العلم يكون من أيّ قسم من أقسام الوجوب وإن لم أر من تعرّض له.
فنقول : من جملة أقسام الوجوب ، الوجوب المقدّمي ، وهو على ضربين ؛ لأنّ المقدّمة إمّا مقدّمة وجود ، وإمّا مقدّمة علم ، ولا إشكال في أنّ تحصيل العلم لحكم العمل من الوجوب والحرمة والإباحة لا يتوقّف عليه وجود العمل فعلا كان أم تركا ، فترك شرب التتن مثلا وفعله يحصلان من المكلّف من غير توقّف على علمه بحكمها ، وهو واضح.