الحكم بوجوب الاحتياط اثنان ، فالاحتمال الأوّل أن تكون الحيثيّة الدخيلة هي حيثيّة كونها واقعة مشتبهة ، فقوله : إذا اصبتم بمثل هذه الواقعة يعني إذا اصبتم بالواقعة المشتبهة.
والثاني أن تكون الحيثيّة الدخيلة حيثيّة كونها مشتبهة بالشبهة المردّدة بين الأقلّ والأكثر ، فإنّ السائل كان قاطعا في مسألة رجلين أصابا جميعا صيدا واحدا بثبوت نصف الجزاء على كلّ منهما ، وكان شكّه في النصف الآخر ، فكان شكّه من باب الشكّ بين الأقلّ والأكثر الاستقلاليين ، فيكون المفاد وجوب الاحتياط في كلّ واقعة حصل الاشتباه فيها بين الأقلّ والأكثر ، والبناء في الشبهة بين الأقلّ والأكثر الاستقلاليين ، بل والارتباطيين أيضا ـ كما ياتي في محلّه ـ وإن كان على البراءة بحسب القاعدة العقليّة إلّا أنّه يكون مفاد الرواية على هذا الاحتمال تعبّدا شرعيّا في القسمين على وجوب الاحتياط.
فهذه أربعة احتمالات ، والمفيد منها بحال الأخباري اثنان :
الأوّل : أن تكون الإشارة راجعة إلى السؤال وكان المراد بالاحتياط الاحتياط الواجب مراعاته على المستفتين في مقام العمل بأن يكون المعنى : إذا اصبتم أيّها العلماء بالسؤال عن حكم تجهلون به فيجب عليكم أن تفتوا الناس بوجوب الاحتياط ، إذ يعلم منه أنّ التكليف في الواقع المشكوك في حكمها هو وجوب الاحتياط على الجميع من المفتي والمستفتي.
والثاني أن تكون الإشارة راجعة إلى الواقعة ، وكانت الخصوصيّة الدخيلة مجرّد كونها واقعة مشتبهة ، ويكون المعنى إذا ابتليتم بالواقعة المشتبهة وجب عليكم الاحتياط.
وأمّا الاحتمالان الآخران فأجنبيّان عن مرام الأخباري كما هو واضح ، إذ المفاد على أحدهما الاحتياط عن الإفتاء عند عدم العلم ، والاصولي لا يفتي بما لا يعلمه ، وما يفتي به يعلمه ، وعلى الآخر وجوب الاحتياط في خصوص الشبهة بين الأقلّ والأكثر ، فلا بدّ لصحّة تمسّك الأخباري بهذه الرواية من إثبات أظهريّة