لا يمكن أن يرتفع عنه حكم الحسن أو القبح ، بل هو حسن دائما وفي جميع الأحوال ، أو قبيح كذلك ، فمع بقاء هذا الموضوع لا يمكن أن يشكّ العقل في الحسن والقبح.
نعم إذا زال بعض القيود يمكن أن يشكّ العقل حينئذ في الحكم من جهة الشكّ في دخل القيد الزائل وعدم دخله واحتمال خطائه في حكمه بدخله ، ويمكن أيضا أن يعرض للعقل الشكّ في الحسن والقبح من جهة الشكّ في التطبيق ، كما إذا كان الموضوع الخارجي منطبقا عليه عنوان الصدق النافع ، فشكّ في اللاحق في انطباقه عليه وعدمه ، فيحصل الشكّ في الحسن والقبح فيه من هذه الجهة.
فشكّ العقل في حكمه منحصر في قسمين ، أحدهما : الشكّ في الكبرى وإن لم يكن شكّ في مقام التطبيق ، والآخر : الشكّ في التطبيق وإن لم يكن شكّ في أصل الكبرى ، والاستصحاب غير ممكن الجريان في كلا القسمين ، أمّا في الأوّل ، فلأنّه يعتبر في الاستصحاب بقاء الموضوع بلا شبهة ، لتوقّف صدق نقض اليقين بالشكّ عليه ، ومع فرض انتفاء بعض القيود يكون الموضوع بنظر العقل غير الموضوع السابق بلا شبهة ، فلا يصدق عنوان نقض اليقين بالشكّ ، وأمّا في الثاني فلفرض الشكّ في انطباق العنوان الذي هو الموضوع للحكم بنظر العقل ، ومعه يكون المقام شبهة مصداقيّة لنقض اليقين بالشكّ ، فلا يمكن التمسّك بعموم دليله.
فإن قلت : إنّا نرجع في تشخيص الموضوع في باب الاستصحاب إلى العرف دون العقل ، ولا ينافي أن يكون موضوع الاستصحاب مأخوذا من العرف ونفس المستصحب مأخوذا من العقل ، فإن جريان الاستصحاب دائر مدار صدق نقص اليقين بالشكّ ، فيمكن أن يكون العقل حاكما بالحسن أو القبح في شيء ، فشكّ في بقاء الحسن أو القبح فيه في اللاحق من جهة الشك في الانطباق أو الكبرى وكان