العقل واحد ، هذا ما ذكره قدسسره.
والحقّ جريان الاستصحاب في الأحكام العقليّة ، وتقريبه أنّ حكم العقل تارة يراد به نفس إدراكه لحسن شيء أو قبحه وجزمه بذلك ، وحصول الشك للعقل في حكمه بهذا المعنى غير معقول ، فلو كان موضوع إدراك العقل للحسن وجزمه به هو عنوان الصدق مع قيد النافع ، فزال هذا القيد ينتفي لا محالة إدراك العقل وجزمه ، ولا يعقل حصول الشكّ في بقائهما وعدمه للشكّ في دخالة القيد الزائل فيهما وعدمها ؛ إذ لا يعقل أن يشكّ الحاكم في موضوع حكمه ويجهل الجازم بمحلّ جزمه.
واخرى يراد به ما هو ملاك الإدراك والجزم المذكورين ، أعني نفس الحسن والقبح الكامنين في ذوات الأشياء الذين يكون بتبعهما الإدراك والجزم المذكوران ، وحصول الشكّ في هذا المعنى للعقل الغير التام بمكان من الإمكان ، فقد يصير هذا المعنى مشكوك التحقّق في العنوان ابتداء ، وقد يصير مشكوكا بعد زوال بعض قيوده مع معلوميّته قبل زواله ، فحينئذ وإن كان إدراك العقل وجزمه بعد زوال القيد معلوم العدم ، كما كان معلوم التحقّق قبله ، ولكن يمكن أن يصير ملاكه أعني الحسن والقبح الذاتيّين مشكوكا بأحد نحوين.
الأول : أن يكون منشأ الشكّ احتمال كون القيد غير دخيل في ملاك الحسن والقبح أصلا ، ويكون ضمّه كضمّ الحجر إلى الإنسان.
والثاني : أن يكون منشؤه احتمال وجود الملاك اللزومي في المطلق مع القطع بدخالة القيد مردّدة بين دخالته في اصل اللزوم أو في الأكمليّة ، مع قيام أصل اللزوم بالمطلق ، ويمكن أيضا حصول الشكّ في الملاك في الخارجيّات من باب الشكّ في التطبيق مع عدم الشكّ فيه بحسب الكبرى ، فهذه أنحاء ثلاثة للشكّ في