الملاك ، ولا إشكال في عدم جريان الاستصحاب في شيء من هذه الأنحاء بحسب نفس الملاك ، فلا يمكن استصحاب الحسن والقبح الموجودين في السابق في شيء من هذه الصور.
وجهه أنّ المفسدة والمصلحة الكامنتين في ذوات الأشياء ليستا موضوعين للأثر الشرعي ؛ إذ لم يرتّب الشارع عليهما حكما شرعيّا ، والكشف عنهما وإن كان من وظيفة الشارع من حيث إنّه أعقل العقلاء ، لكنّه خارج عن وظيفته من حيث إنّه شارع ؛ لعدم انتهائهما إلى العمل ، فليستا كالطهارة والنجاسة ؛ لانتهاء هذين إلى العمل ، وأمّا وجوب الإتيان بما فيه المصلحة ، والتحرّز عمّا فيه المفسدة فهو حكم الشرع يستكشفه العقل من قاعدة الملازمة بين المفسدة والمصلحة وبين حكم الشرع ، لا أنّه أثر لنفس المصلحة والمفسدة.
هذا هو الكلام في استصحاب الحسن والقبح العقليّين ، وأمّا استصحاب حكم الشرع التابع لهما فلا مانع عنه سوى ما ذكره قدسسره من أنّ الموضوع مقطوع العدم في بعض الصور ومشكوك البقاء في بعض آخر ، فعنوان النقض غير صادق قطعا في الأوّل ، ومشكوك الصدق في الثاني.
والحقّ عدم هذا المانع ، بيانه أنّ في طريق تشخيص الموضوع في باب الاستصحاب أوجها ثلاثة : الرجوع إلى العقل ، والرجوع إلى ما يستفاد من الدليل بحسب فهم العرف ، والرجوع إلى العرف ابتداء مع قطع النظر عن الدليل ، وحيث إنّ المختار كما يأتي في محلّه إن شاء الله تعالى هو الوجه الثالث ـ وحاصل وجهه أنّ الوجه الأوّل مستلزم لسدّ باب الاستصحاب كما هو واضح ، وأمّا الثاني فلأنّا متعبّدون في باب الاستصحاب بصدق النقض والإبقاء وعدم صدقهما لا بغير ذلك ـ ففي كلّ موضع كان وجود الأثر والحكم السابق في اللاحق بقاء وعدمه ارتفاعا ، و