الأوّل : أن يكون المراد بقوله : فرأيت فيه ، أنّه رأى النجاسة بعد الصلاة واحتمل وقوعها بعدها ، وحينئذ لا إشكال أن يكون المراد من قوله : فرأيت فيه ، أنّه رأى بعد الصلاة النجاسة التي خفيت عليه قبل الصلاة كما هو ظاهر الكلام ، وحينئذ يرد الإشكال بأنّ الظاهر من قول الإمام عليهالسلام في مقام التعليل للحكم بعدم إعادة الصلاة : لأنّك كنت على يقين من طهارتك فشككت ، وليس ينبغي لك أن تنقض اليقين بالشك كون قوله : وليس ينبغي الخ كبرى لإعادة الصلاة ، ويكون المعنى : إنّك كنت متيقّنا بالطهارة قبل الظنّ بالنجاسة وشاكّا فيها في حال الشروع في الصلاة ، فالإعادة بعد الصلاة نقض لذاك اليقين بهذا الشكّ ، والحال أنّه ليس ينبغي لك أن تنقض اليقين بالشكّ.
وأنت خبير بأنّ هذه الكبرى غير منطبقة على تلك الصغرى ؛ فإنّ المفروض أنّه بعد الصلاة كان متيقّنا بوجود النجاسة من أوّل الصلاة إلى آخرها ، والإعادة مع هذا اليقين نقض لليقين السابق باليقين لا بالشكّ ، نعم ما دام الشكّ باقيا فالامتناع من الدخول في الصلاة وعدم إتمامها بعد الشروع فيها وإعادتها بعد الإتمام كلّ ذلك نقض لليقين بالشكّ ، فيصحّ أن يقع الكبرى المذكورة كبرى لهذه الامور.
وأمّا بعد انقلاب الشكّ باليقين فإعادة الصلاة الواقعة في حال الشكّ بالطهارة ليس إلّا نقضا لليقين باليقين ، فلا يصحّ إجراء حكم الكبرى المذكور فيه ، وذلك أنّه يعتبر في جريان حكم الكبرى في الصغرى صدق عنوان الموضوع في الكبرى على الصغرى مع قطع النظر عن الحكم ، مثلا حكم الحرمة في قولنا : كلّ خمر حرام إنّما يجرى في المائع المخصوص بعد صدق عنوان الخمر عليه مع قطع النظر عن جريان الحرمة فيه ، وبعد صدق العنوان يجري عليه حكم الحرمة بتبع ذلك ، فكذلك الإعادة في المقام لا بدّ أن يكون مع قطع النظر عن حكم الشرع على عنوان نقض اليقين بالشكّ بعدم الجواز مصداقا لعنوان نقض اليقين بالشكّ حتّى يجري فيها حكم هذه الكبرى ، وأمّا إذا لم يكن هذا العنوان صادقا عليه لم يكن هذا الحكم جاريا فيه.