الاستمرار الواقعي ، وان كانت غاية تعبّديّة بأن كانت هو العلم بانتفاء المحمول يكون دليلا على الاستمرار التعبّدى عند الشكّ في الاستمرار والبقاء ، وحينئذ فقوله عليهالسلام : حتّى تعلم أنّه قذر يدلّ على أنّ الأشياء الطاهرة يدوم طهارتها تعبّدا إلى أن يعلم انتفاء الطهارة ، ولا نعني بالاستصحاب إلّا ذلك ... (١)
ويرد على ما ذكره قدسسره في الذيل أنّ أركان الاستصحاب امور ثلاثة ، الأوّل وجود المتيقّن السابق ، والثاني الشكّ فيه في الزمان المتأخّر ، والثالث وهو المحمول في باب الاستصحاب الحكم ببقاء ما كان في زمان الشكّ الذي هو الزمان المتأخّر ، فاستفادة الاستصحاب من الرواية يتوقّف على استفادة هذه الامور منها.
فنقول : أمّا المتيقّن السابق فيمكن استفادته من صدر الرواية المفيد لطهارة الأشياء واقعا ، وأمّا الأمران الآخران فيتوقّف استفادتهما من الرواية حينئذ على الالتزام بأنّ الغاية غير مرتبطة بمحمول الرواية وهو قوله عليهالسلام : «طاهر» ، وأنّ هنا موضوعا ومحمولا آخرين مطويّين في الكلام تكون الغاية مرتبطة بهما ، والتقدير أنّه إذا شككت في بقاء طهارة الأشياء فهي محكومة بالبقاء ، لكنّ الالتزام بهذا إخراج للكلام عن قانون المحاورة وخلاف ما اعترف به هو أيضا.
وأمّا إن جعلنا الغاية لنفس المحمول في الرواية ، فيلزم كون المحمول محدودا بزمان الشكّ؛ فإنّ قضيّة كلّ غاية جعل المحمول السابق عليها محدودا بضدّها ، مثلا قولنا : كلّ شيء طاهر إلى أن يلاقي النجس ، معناه كلّ شيء طاهر في زمان عدم ملاقاة النجس ، فكذلك معنى قوله عليهالسلام : كلّ شيء طاهر حتى تعلم أنّه قذر ، أنّ كلّ شيء طاهر في زمان الشكّ.
والحاصل أنّ مفاد الغاية حينئذ أنّ أصل ثبوت الطهارة الذي أفاده قوله عليهالسلام : «طاهر» يكون من أوّل زمان الشكّ إلى انتهائه الحاصل بالعلم بالقذارة ، و
__________________
(١) هنا في الأصل بياض بمقدار نصف الصفحة تقريبا.