قضيّتين ، إحداهما أنّ الأشياء كلّها طاهرة ، والثانية أنّ الأشياء الطاهرة تبقى طهارتها إلى زمان العلم بالقذارة.
توضيح ذلك أنّ قوله عليهالسلام : «كلّ شيء طاهر يدلّ بعمومه على أنّ الأشياء بعناوينها الأوّليّة كالماء والتراب وغيرهما طاهرة واقعا ، فيكون دليلا اجتهاديّا ، وبإطلاقه لحالات الشيء التي منها حالة كونه مشتبه الطهارة إمّا من جهة كونه مشتبه الحكم أو مشتبه الموضوع يدلّ على قاعدة الطهارة ، فإذا كان هناك ماء وفضلة خفّاش ومائع مردّد بين الماء والبول فالرواية تدلّ عموما وإطلاقا على طهارة الجميع.
وإن أبيت إلّا عن عدم كون الشبهة من حالات الشيء المندرجة تحت الإطلاق وأنّها من حالات المكلّف وإن كان لها إضافة إلى الشيء أيضا فنقول : المشكوكيّة بالشبهة الحكميّة أو الموضوعيّة لازمة لبعض الأشياء غير منفكّة عنه أبدا مثل فضلة الخفاش ، وهذا الشيء الملازم للمشكوكيّة داخل في عموم كلّ شيء ، فإذا تمّ دلالة الرواية بالعموم على طهارة هذا المشكوك يتمّ المطلوب في سائر المشكوكات بعدم القول بالفصل.
ولا ضير في كون مفاد الرواية حكما واقعيّا في بعض الأفراد وظاهريّا في آخر ، فإنّا لا نعني بالحكم الواقعي إلّا ما كان متعلّقا بالشيء بالعنوان الأوّلي ، وبالظاهري إلّا ما كان متعلّقا بالشيء بعنوان كونه مشكوك الحكم ، فإذا تعلّق الطهارة بالمعنى الواحد بعنوان جامع لكلا هذين الصنفين وهو «كلّ شيء» فلازم ذلك اختلاف الطهارة في الظاهرية والواقعيّة باختلاف المحالّ.
فقد تبيّن أنّ صدر الرواية مع قطع النظر عن الذيل يكون دليلا اجتهاديّا ودليلا على قاعدة الطهارة في الشبهة الحكميّة وفي الشبهة الموضوعيّة.
وأمّا الاستصحاب فهو مستفاد من الذيل وهو قوله عليهالسلام : حتّى تعلم أنّه قذر ، وذلك لأنّ الغاية تدلّ بنفسها على استمرار المحمول إلى زمان حصولها من دون حاجة إلى إرادة الاستمرار من المحمول ، غاية الأمر أنّها إن كانت غاية لبيّة كما في قولك : كلّ شيء طاهر حتى يلاقي النجس ، يكون دليلا اجتهاديّا على