باستمرار الطهارة في خصوص الأشياء التى ثبت أصل الطهارة فيها في زمان وكان مفروغا عنه، والمعنى أنّ كلّ شيء ثبت أصل الطهارة فيه في زمان فطهارته محكومة في الظاهر بالامتداد إلى حصول العلم بالقذارة ، فالغاية غاية لنفس الطهارة لا للحكم الظاهري ، فعلى الأوّل يكون مفاد الرواية قاعدة الطهارة وعلى الثاني استصحابها.
ويجري في هذه الرواية أيضا الكلام في إمكان الجمع بين قاعدة الطهارة واستصحابها وعدمه ، نظير ما جرى في الرواية من البحث في إمكان الجمع بين قاعدة اليقين والاستصحاب وعدمه ، وحيث وقع ذلك هنا محلّا للنقض والإبرام والتشاجر بين الأعلام ، فلا بأس ببسط الكلام.
فنقول : ذهب شيخنا المرتضى قدسسره إلى عدم إمكان الجمع ، لما هو واضح من أنّه لا بدّ في قاعدة الطهارة من ملاحظة أصل ثبوت الطهارة غير مفروغ عنه حتّى يصحّ الحكم بأصل ثبوتها ، وفي الاستصحاب من ملاحظة أصل ثبوتها مفروغا عنه حتّى يحكم باستمرار الثبوت ، والجمع بين ملاحظته مفروغا عنه وملاحظته غير مفروغ عنه في استعمال واحد غير ممكن.
واعترض بذلك على صاحب الفصول قدسسره حيث إنّه جوّز الجمع بين القاعدتين ، فقال ما حاصله أنّه يستفاد من الرواية شيئان ، الأوّل أنّ مشكوك الطهارة والنجاسة طاهر ، والثاني أنّ ما ثبت طهارته في زمان يستمرّ طهارته إلى أن يعلم القذارة.
وقد انتصر بعض الأساتيد قدسسره في الحاشية لصاحب الفصول ، ومجمل ما ذكره قدسسره بطوله في تقريب الجواز أنّه إنّما لم يمكن الجمع لو اريد من كلمة «طاهر» الحكم بأصل ثبوت الطهارة والحكم باستمرارها مع الفراغ عن أصل الثبوت ، أو اريد من الغاية كونها غاية لأصل الثبوت وغاية للاستمرار في مورد الفراغ عن أصل الثبوت ، ونحن لا نقول بشيء من هذين ، بل نقول : إنّ القاعدة مستفادة من كلمة «طاهر» والاستصحاب مستفاد من الغاية ، فالكلام بمنزلة