الأقسام السابقة مثل المانعيّة والشرطيّة والجزئيّة.
والحقّ جريان الاستصحاب فيه ، ووجهه أنّه لا دلالة في خطاب «لا تنقض» على اعتبار المجعوليّة أو الموضوعيّة للأثر في المتيقّن ، بل المعيار فيه كلّ أمر تناله يد الشرع ويقبل تصرّفه ، فكلّ شيء تحقّق فيه اليقين السابق والشكّ اللاحق وكان بالوصف المذكور فلا مانع عن شمول الخطاب له ، وما نحن فيه من هذا القبيل ، فلو شكّ في شرطيّة شيء أو مانعيّته للمأمور به بعد اليقين بها سابقا فهذا الشكّ راجع إلى الشكّ في أنّ المطلوب في الزمان الثاني هل هو مقيّد بوجود هذا الشيء أو بعدمه ، أو ليس مقيّدا بذلك ، ومن المعلوم أنّ هذا شيء يكون أمره بيد الشرع ، فلا مانع من عموم خطاب «لا تنقض» إيّاه.
نعم لا ينبغي الإشكال في عدم جريان الاستصحاب في عنوان الشرط وعنوان المانع مع عدم الشكّ في المصداق كما هو القسم الرابع من الأقسام ، فلو احرز وجود المقتضي للتنجيس وهو ملاقاة النجاسة في الماء ، وشكّ في وجود المانع وهو الكريّة من جهة الشكّ في مفهوم الكريّة مع عدم الشكّ في المصداق من جهة معلوميّة كمّ الماء في السابق وفي اللاحق ، فأصالة عدم عنوان المانع في الماء الثابت قبل وجود الماء وإن كان يترتّب عليها الأثر الشرعي بلا واسطة وهو النجاسة كما في سائر الاستصحابات الموضوعيّة ، ولا مجال للإشكال فيه أيضا بأنّ ترتيب النجاسة على عنوان عدم المانع حكم العقل ؛ لأنّ ذلك إنّما هو فيما إذا تحقّق وجود المقتضي وعدم المانع بالوجدان لا فيما إذا شكّ في أحد الجزءين ، فللشارع أن يتعبّدنا في حال الشكّ بالبناء على عدم المانع ، ولكنّه مع ذلك محلّ إشكال من حيث إنّ هذه العناوين ليس لها أثر أصلا ولو عقلا ، وإنّما الأثر لذواتها.
مثلا ذات النار مؤثّر في الحرارة والإحراق ويعرضها عنوان العليّة في الرتبة المتأخّرة عن هذا التأثير ، فلا يعقل مع ذلك أن يكون لهذا العنوان دخل في هذا التأثير ، وهكذا الكلام في عنوان وجود المانع وعنوان عدم المانع وأشباههما.