الحالة السابقة هي الطهارة فللشارع تنزيل الطهارة المشكوكة منزلة الواقعيّة حتى يكون توسعة في موضوع حكمه بأنّ الصلاة مع الطهارة واجبة ، وإذا كانت الحالة السابقة هي الحدث فيجور له عدم الاعتناء بالطهارة المشكوكة ، فيكون ذلك تضييقا في موضوع ذاك الحكم.
وأمّا استصحاب وجود ما يكون شرطا لنفس التكليف أو مانعا أو عدمهما فقد منعه بعض الأساتيد قدسسره نظرا إلى أنّ ترتّب الحكم على المقتضي الواجد الشرط ، الفاقد المانع ترتّب عقلي من باب استحالة انفكاك المعلول عن علّته ، وإن كان نفس الحكم شرعيّا ، والشيء ما لم يكن واقعه بيد الشرع وبجعله لا يقبل تصرّفه في مرحلة الظاهر وعند الشكّ.
أقول : لا أفهم فرقا بين شرط الموضوع ومانعة ، وبين شرط نفس التكليف ومانعة ، فإنّ أمر الثاني أيضا بيد الشارع ، فللشارع إنشاء الإيجاب أو التحريم في تقدير وجود شيء أو عدمه ، فإذا شكّ في وجود هذا الشيء أو عدمه فله إلحاقه بالواقع مع سبق الوجود وعدم الاعتناء به مع سبق العدم ، هذا هو الكلام في الشكّ في وجود الشرط أو المانع وعدمهما مع الفراغ عن أصل الشرطيّة والمانعيّة.
وأمّا لو شكّ في بقاء شرطيّة شيء أو مانعيّته للموضوع أو لنفس التكليف وعدم بقائهما فهل يجرى استصحاب الشرطيّة أو المانعيّة أو لا؟ قد تقدّم الحكم بجريانه ، لكون الشرطية والمانعيّة مجعولتين بمنشإ انتزاعهما مثل الصحّة والفساد.
ومنها : ما نقل حكايته بعض الأساتيد قدسسره عن بعض معاصريه من الاستصحاب في الموضوعات الخارجيّة بتوهّم أنّ الحكم إنّما يترتّب على تلك الموضوعات المستصحبة بتوسّط ما ينطبق عليها من العناوين الكليّة ، مثلا المائع المستصحب الخمريّة إنّما يترتّب عليه الحرمة بتوسّط عنوان الخمر ، وفيه ما تقدّم ذكره آنفا.