ثمّ الدوام المستفاد من المقدّمات أمر وحداني ، فكما أنّ الفرد أمر وحداني ولا يصير بدوامه أفرادا متعدّدة ، كذلك الحكم اللاصق به بتلك المقدّمات أيضا أمر وحدانى ، ولا يصير بالدوام أحكاما عديدة وإن كان مع ذلك يقتضي امتثالات عديدة ، وقد تقدّم تصويره.
ثمّ قلنا : إنّه بعد تمام هذه الشروط لا بدّ من ملاحظة المخصّص ، فإن كان مفيدا لتقييد العام بغير عنوانه كما في «لا تكرم فسّاق العلماء» حيث يوجب تقييد إكرام العلماء بغير الفسّاق يتعيّن العمل بالعام في ما بعد انقضاء زمن الخاص ، فلو صار الفرد مصداقا لغير الفاسق ثمّ صار في زمان مصداقا للفاسق ، ثمّ خرج عنه في ما بعد هذا الزمان وصار مصداقا لغير الفاسق يلحقه في كلّ زمان حكم ما كان مصداقا له ، وإن كان مفيدا لمحض التخصيص من دون إعطاء عنوان أصلا ، كما لو قام الإجماع في يوم الجمعة على عدم وجوب إكرام زيد وكان المتيقّن منه هذا اليوم فها هنا يرجع بعد انقضاء زمن الخاص إلى استصحاب حكمه.
وعلى هذا فربّما يخدش في ما يقال في هذا المقام من التفصيل بين منقطع الأوّل أو الآخر ، وبين منقطع الوسط بالعمل بالعام في الأوّلين ، وبالاستصحاب في الأخير.
فيقال : إن كان وجه العمل بالعموم في الأوّلين إرجاع التخصيص إلى تقييد العام ثمّ إجراء أصالة عدم زيادة التقييد كما إذا قيل بانقسام العقد مثلا إلى الكائن في المجلس وغير الكائن فيه فلا بدّ أن يقال بمثله في منقطع الوسط ، فيقال : إنّ العقد مثلا منقسم إلى الكائن في أوّل أزمنة الاطّلاع على الغبن وغير الكائن فيه.
وإن لم يكن وجه العمل هو التقييد فنقول : هنا ظهوران ، ظهور العام في شمول هذا الفرد الذي خرج في أوّل زمان وجوده أو في آخره ، وظهور الإطلاق الحاصل من المقدّمات في ملازمة الحكم لهذا الفرد ، وعدم انفكاكه عنه من أوّل زمان وجوده إلى آخر عمره ، ولا يخفي عدم إمكان حفظ الظهورين معا ، وحينئذ فإن رفعنا اليد عن