بل مراده قدسسره كون الاستمرار وصفا للوجوب ، فإكرام زيد واجب مستمرّا بمعنى أنّ وجوب الإكرام يلازمه ولا ينفكّ عنه ، فكلّ زمان كان الزيد موجودا فمقتضى الوجوب الملازم له كون إكرامه في هذا الزمان موردا للإطاعة والمعصية ، والحاصل أنّ المراد استمرار الوجوب ، لا وجوب الاستمرار ، كما أنّ هذا هو الحال في البقاء في باب الاستصحاب.
وليعلم أنّ ما ذكرنا من الرجوع إلى الاستصحاب إنّما هو في ما إذا لم يكن خروج الفرد في زمان من باب تغيير العنوان ، وإلّا فلا إشكال في أنّه لو عاد إلى العنوان الأوّل لا يستصحب حكم العنوان الثاني ، بل يرجع إلى حكم العنوان الأوّل ، فلو صار الحاضر مسافرا ثمّ صار حاضرا لا يستصحب حكم المسافر ، بل يرجع إلى حكم الحاضر ، فالاستصحاب مخصوص بما إذا كان المتحقّق مجرد إخراج الفرد في زمان كإخراج زيد يوم الجمعة من دون أن يكون في البين تصنيف الموضوع إلى عنوانين.
بقي هنا شيء ينبغي التنبيه عليه ، وهو أنّه قد قلنا : إنّ المتكلّم لا يلاحظ الزمان أصلا ، لا بفرض الأجزاء له وملاحظة كلّ واحد على وجه الاستقلال إمّا بنحو التفريد وإمّا بنحو الظرفيّة ، ولا بفرض الأجزاء له وملاحظة المجموع بلحاظ واحد حتّى يكون كلّ واحد ملحوظا بالتبع ، بل ولا بنحو الاستمرار ، وإنّما يتكلّم بقضيّة كليّة ومفادها ليس بأزيد من استيعاب الحكم لجميع الأفراد ، وهذا يتحقّق بثبوته في كلّ فرد في زمان ما ولا يستدعي الاستمرار ، ومقدّمات الحكمة لا تفيد لحاظ المتكلّم للإطلاق ، فإنّ وجه الأخذ بالإطلاق في قبال التقييد كونه أخفّ مئونة من التقييد ، فإذا كان هو أيضا محتاجا إلى اللحاظ كان كالتقييد ، بل مفادها عدم لحاظ غير مؤدّى اللفظ وأنّ ما أعطاه المتكلّم لفظا فغيره غير دخيل لبّا ، فإذا كان ما في الواقع واللبّ منحصرا في جعل وجوب الإكرام في كلّ فرد من العالم فمعناه عدم مدخليّة زمان خاص ، وحيث انّ زمانا ما أيضا يوجب اللغويّة فلازم ذلك أن يدوم الحكم بدوام الفرد ، لا أنّ المتكلّم لاحظ الدوام.