وتجعله أوّل زمان الوجود؟
قلت : وجهه أنّ جعل المبدا في ما بعد زمن المخصّص يحتاج إلى لحاظ مستقلّ ، وجعله في أوّل الوجود لا يحتاج إليه.
فإن قلت : هذا مسلّم فيما إذا كان الفرد من أوّل وجوده داخلا ، وأمّا لو علم بخروجه من أوّل وجوده فينكشف خطاء ما فهمناه من المقدّمات من عدم دخل شيء آخر ، فيتبيّن أنّ لشيء آخر أيضا دخلا ، وبعد ذلك فإثبات غير ما فهمناه يحتاج إلى دلالة اخرى ، هذا حال الإطلاق ، وأمّا العموم الأفرادي فقد عرفت عدم استدعائه إلّا الدخول في زمان ما ولو في آخر أزمنة الوجود.
قلت : هذا تفكيك وتقطيع قهري حاصل من وجود المقيّد في بعض من الزمان ، وليس من مفاد المقدّمات حتى يكون من باب تعدّد اللحاظ.
فإن قلت : سلّمنا ، ولكن إجراء الإطلاق فرع شمول العموم ، والمفروض عدم دلالة العموم على تعيين زمان الدخول في هذا الزمان ، فيمكن أن يكون شمول العموم في زمان ما من آخر أزمنة الوجود ، فلا يبقى للمقدّمات محلّ.
قلت : الفرد غير خارج عن العموم ، وإنّما يخرج عن العموم لو انتفى عنه الحكم في جميع أزمنة وجوده ، وحينئذ فالظهور الإطلاقي لو سقط عن الحجيّة بالنسبة إلى الزمان الأوّل لوجود المقيّد ، فحجيّته بالنسبة إلى الزمان الثاني محفوظة ، وذلك لما تقرّر في محلّه من أنّ المطلق المقيّد بمقيّد منفصل حجّة في الباقي.
فإن قلت : فلم لا تقول بذلك أعني حجيّة الظهور الإطلاقي بالنسبة إلى ما بعد زمان المقيّد في منقطع الوسط؟.
قلت : الوجه أنّه قد سبق الحكم بالاستمرار هناك ولم يسبق الحكم به بعد هنا.
فإن قلت : فما المعيّن لمبدا الاستمرار في هذا الزمان الذي يكون بعد المقيّد الواقع في أوّل الوجود ، مع أنّه ليس في العموم الأفرادي ولا في المقدّمات دلالة على تعيين المبدا.
قلت : المعيّن عدم وجود المقيّد فيه.