ذيل الأمر الثامن (١)
قد تقدّم حكم الحادثين غير المعلوم سابقهما ولا حقهما بالنسبة إلى استصحاب العدم الأزلي بكلا قسميه ، أعني ما كان بالقياس إلى الأجزاء السابقة من الزمان وما كان بالقياس إلى زمان الحادث الآخر ، وبقي الكلام فيهما من حيث استصحاب البقاء فيما إذا كانا متضادّين وكان وجود أحدهما رافعا للآخر ، فإنّه يشكّ حينئذ في بقاء كلّ منهما في الزمان الثالث ، كما لو علم بحدوث واحد من الطهارة والحدث لا على التعيين في زمان ، وبحدوث الآخر في الزمان الثاني ؛ فإنّه يقطع في الزمان الثالث بحدوث كلّ واحد من الحدث والطهارة سابقا على هذا الزمان مردّدا بين الزمانين ، ويشكّ في بقائه في نفس هذا الزمان.
فهل يجري استصحاب البقاء في كلّ منهما ويتعارضان ، أو لا يجري الاستصحاب أصلا؟ قد يقال بعدم الجريان من جهة عدم إحراز اتّصال زمان الشكّ بزمان اليقين ؛ لأنّ كلّا من الطهارة والحدث في المثال لو كان حادثا في الزمان الأوّل فالزمان الثاني فاصل بين زمان يقينه الذي هو الزمان الأوّل ، وزمان شكّه الذي هو الزمان الثالث.
ويقال في وجه اعتبار إحراز الاتّصال بأنّه مع القطع بانفصال زمان الشكّ عن زمان اليقين بزمان اليقين بالخلاف ، فالمقام بالنسبة إلى اليقين الأوّل يكون من
__________________
(١) راجع ص ٥٦٠ وص ٦٠٧.