والحقّ هو الأوّل ، فإنّه لا بدّ من تعلّق الشكّ بنفس ما أفاده المتكلّم لا بشيء آخر أجنبيّ عنه حتى يتحقّق اتّحاد متعلّق اليقين والشكّ ، ولا شكّ أنّ ما أفاده المتكلّم في قضيّة «زيد قائم» أو «ليس بقائم» هو إثبات الحالة الوجوديّة أو العدميّة لزيد بعد الفراغ عن وجود زيد في الخارج ، فالشكّ في هذا المعنى إنّما يتحقّق بالشكّ في الحالة التي أثبتها المتكلّم في تقدير هذا الفراغ ، وأمّا الشكّ في نفس التقدير فهو أجنبيّ عمّا كان المتكلّم بصدد إفادته ؛ فإنّ وجود زيد كان مفروغا عنه بين المتكلّم والمخاطب.
فإن قلت : إنّ الشكّ في المقيّد يتحقّق بالشكّ في أحد قيوده ، فالشكّ في قولك : زيد الموجود قائم ، كما يتحقّق بالشكّ في القيام ، فكذلك يتحقّق بالشكّ في الوجود.
قلت : فرق بين اعتبار الوجود قيدا وبالمعنى الاسمي ، وبين فرضه حاصلا ولحاظه على نحو المرآتيّة وبالمعنى الحرفي ، فما ذكرته وارد في الأوّل ، وما ذكرناه وارد في الثاني.
فإن قلت : لا يعتبر في الاستصحاب إلّا تعلّق الشكّ بتبدّل القضيّة المتيقّنة إلى رفعها ونقيضها ، ولا شبهة أنّ رفع القضيّة المذكورة في ما نحن فيه حاصل في تقدير عدم زيد ، وإلّا يلزم ارتفاع النقيضين في هذا التقدير ، فلهذا يكون الشكّ في عدم زيد موجبا للشكّ في رفع القضيّة.
قلت : يعتبر في النقيضين وحدة المحلّ ، فإذا كان محلّ وجود القيام زيدا الملحوظ وجوده باللحاظ الفراغي فنقيضه عدم القيام في هذا المحلّ ، لا في محلّ آخر ، وإن شئت توضيح الحال فلاحظ القضيّة التعليقيّة ؛ فإنّ نقيض هذه القضيّة إنّما هو رفع المعلّق في ظرف حصول المعلّق عليه لا في ظرف آخر ، وكذلك الشكّ في هذه القضيّة إنّما هو بالشكّ في المعلّق في ظرف حصول المعلّق عليه لا بالشكّ في نفس المعلّق عليه ، فإنّ القطع بصدق هذه القضيّة يجتمع مع القطع بعدم المعلّق عليه ، فضلا عن الشكّ فيه.
فنقول : حال وجود الموضوع في ما نحن فيه حال المعلّق عليه في القضيّة التعليقيّة ، فكأنّ المتكلّم يضع نفس الموضوع في جنبه في الخارج ثمّ يشتغل بذكر