ما يخصّ به السالبة في القسم الثاني هو الثاني ، فكما أنّ الموجبة لا بدّ فيها من وجود زيد مثلا حتّى يحمل عليه القيام ، فكذا في السالبة في القسم الثاني أيضا لا بدّ من وجود زيد حتى يرفع عنه القيام.
لا إشكال في القسم الأوّل ، فإنّ الموضوع فيه ماهيّة القيام وماهيّة الزيد القابلتان للاتّصاف بالوجود والعدم ، وهذا المعنى كما يتوقّف القطع به على القطع بوجود طرفيه ، يتحقّق الشكّ فيه بالشكّ في وجود أحد طرفيه ، فمع الشكّ في وجود زيد لا تختلف القضيّة المتيقّنة والمشكوكة ، إذ يصدق أنّ قيام زيد كان معلوما في السابق وصار مشكوكا في اللاحق.
وكذا الكلام في القسم الثالث ؛ فإنّ قضيّة «ليس زيد بقائم» لم يعتبر فيها إلّا ماهيّة الزيد وماهيّة القيام ، فيصدق مع الشكّ في وجود زيد ، بل ومع القطع بعدمه ، فلو قطع بهذه القضيّة في زمان وشكّ فيها في الزمان الثاني من جهة الشكّ في وجود زيد ، كما لو قطع بأنّه لو كان موجودا يكون قائما ، كان الاستصحاب جاريا ؛ لاتّحاد القضيّة المتيقّنة والمشكوكة.
إنّما الكلام والإشكال في القسم الثاني والرابع ، حيث لوحظ مفروغيّة الوجود الخارجي للموضوع فيهما ، فصريح شيخنا المرتضى قدسسره اعتبار إحراز وجود الموضوع في الاستصحاب، وصريح بعض الأساتيد قدسسره العدم ، نظرا إلى أنّ الشكّ في ثبوت النسبة بين الأمرين الخارجيين كما قد يكون من جهة الشكّ في المحمول ، فقد يكون من جهة الشكّ في الموضوع ، والشكّ في الموضوع لا ينافي إحرازه المعتبر في باب الاستصحاب ، فإنّ المراد بإحرازه في هذا الباب انسحاب المستصحب إلى عين المعروض الذي كان معروضا له في السابق وهذا المعنى متحقّق مع الشكّ في وجود زيد ، فإنّ الشكّ إنّما وقع في القيام أو عدم القيام لزيد الذي هو الشخص الذي كنّا على يقين من قيامه أو عدم قيامه في السابق ، وإنّما لم يحرز الموضوع لو كان الشكّ في القيام أو عدم القيام لشخص آخر غير الزيد.