أصل وجوده ، والجمع بين هذين اللحاظين في كلام واحد غير ممكن ، نعم يمكن تصوير الجامع بينهما بأن يقال : إنّ المتكلّم في كلمة «في» في قوله : «كلّ شيء شكّ فيه وقد جاوزه ودخل في غيره فليمض عليه» لاحظ مطلق التعلّق الأعمّ من التعلّق بالصحّة أو بأصل الوجود ، فإنّ الشاكّ في أصل صدور القراءة مثلا والشاكّ في كيفيّة صدورها من الجهر والإخفات مع الفراغ عن أصل الصدور يصدق على كلّ منهما أنّه شاكّ في القراءة ، فالمتكلم تصوّر هذا الجامع تصوّرا حرفيّا واستعمل فيه كلمة «في» ولا غرو في تصوّر الجامع تصوّرا حرفيّا.
كما وقع نظيره في موثقة ابن بكير الواردة في لباس المصلّي حيث استعمل فيه كلمة «في» في مطلق التلبّس الأعمّ من اللباسي الظرفي ومن المحمولي المصاحبي ، ومثله الكلام في كلمة «في» في قولك : من تيقّن بشيء فشكّ فيه فليمض على يقينه ، إذا استعملتها في مطلق التعلّق الأعمّ من التعلّق بأصل الحدوث أو بالاستمرار بعد الفراغ عن أصل الثبوت ، وممّا يؤيّد هذا في ما نحن فيه صحّة تعقيب قولك : كلّ شيء شكّ فيه وقد جاوزه ودخل في غيره فليمض عليه ، بقولك : سواء تعلّق الشكّ بأصل وجوده أو بصحّته بعد الفراغ عن أصل وجوده.
فإن قلت : وإن أمكن تصوير الجامع بحسب صدر القضيّة وهو قوله : كلّ شيء شكّ فيه ، ولكن لا يمكن بحسب ذيله وهو قوله : وقد جاوزه ، فإنّ المجاوزة في قاعدة التجاوز بمعنى مجاوزة محلّ الشيء ، وفي قاعدة الصحّة بمعنى مجاوزة نفس الشيء ، ففي الاولى نحتاج إلى التقدير وفي الثانية لا نحتاج إليه ، والجمع بين التقدير واللاتقدير غير ممكن.
قلت : تصوير الجامع من هذا الحيث أيضا ممكن بتقدير المحلّ في كليهما إمّا بأن يلاحظ خصوص المحلّ الشرعي ، فإنّ صيرورة الشكّ في الشيء شكّا بعد مضيّ المحلّ الشرعي لا يفرق فيه بين تحقّق هذا الشيء في هذا المحلّ وعدم تحقّقه ، فالشكّ في الفاتحة بعد الدخول في السورة مثلا شكّ بعد مضيّ المحلّ الشرعي للفاتحة ، وهو ما قبل السورة ، ولا فرق في صدق ذلك بين أن يكون