فذكرته تذكّرا فامضه» هو الثاني.
وقضيّة قوله في صحيحة زرارة : «إذا خرجت من شيء ودخلت في غيره فشككت فليس بشيء ، وفي صحيحة ابن جابر : «كلّ شيء شكّ فيه وقد جاوزه ودخل في غيره فليمض عليه ،» وصدر موثّقة ابن أبي يعفور : «إذا شككت في شيء من الوضوء ودخلت في غيره فشكّك ليس بشيء» ، هو الأوّل.
ولا يخفي أنّ الغالب توقّف المضيّ على الدخول في الغير كما في مضيّ المحلّ الشرعي للحمد مثلا بالنسبة إلى الدخول في السورة ، فيحتمل كون القيد في الأخبار الثانية واردا لنكتة هذه الغلبة ، ويحتمل كون الإطلاق في الاولى واردا لذلك ، ولكن ظهور المطلق في الإطلاق أقوى من ظهور القيد في التقييد ، وعلى هذا فلا يعتبر أصل الدخول في الغير فضلا عن اعتبار غير خاص.
فإن قلت : لو كان الأمر كما ذكر لما كان وجه لقوله عليهالسلام في صحيحة ابن جابر : إن شكّ في الركوع بعد ما سجد فليمض ، وإن شكّ في السجود بعد ما قام فليمض ، حيث اعتبر الدخول في السجود في الشكّ في الركوع ، والدخول في القيام في الشكّ في السجود ؛ لوضوح تحقّق المضيّ عن المشكوك في الأوّل بالهويّ ، وفي الثاني بالنهوض ، فمن هذا يعلم علاوة على أنّ للدخول في الغير مدخليّة في الحكم ، أنّ مطلق الغير غير كاف ، وأنّه لا يكفي إلّا الأفعال الأصليّة دون مقدّماتها.
قلت : ليس الغرض من ذلك تحديد محلّ الشكّ في الركوع والسجود بذلك ، بل الغرض مجرّد التمثيل ، وأمّا ترك الأقرب إلى المشكوك وذكر الأبعد فلعلّ النكتة فيه عدم حصول الشكّ عند القرب من المشكوك أو عدم استقراره على فرض حصوله ، ويتوقّف حصوله واستقراره على بعد الشاكّ عن المشكوك في الجملة.
وكيف كان فعلى ما ذكرنا يجري هذا الأصل في الجزء الأخير من العمل بعد حصول الفصل الطويل المحقّق للتجاوز ، وكذا في الآيات والكلمات والحروف بعد حصول الفصل المخلّ بالموالاة بين المشكوك وسابقه.