حلال حتى تعلم» إلى غير ذلك من سائر ادلّة الاصول فنقول : يمكن استظهاره بوجهين :
الأوّل : بدعوى أنّ الغالب من حال من يكون بصدد بيان حال الشكّ في الواقعيّات أن يكون متعرّضا لحال انقطاع اليد عنها رأسا ومن جميع الوجوه ، لا لحال وصف الترديد فيها وإن كان للمكلّف طريق إلى الواقع رافع لحيرته وجدانا ، فالمراد من اليقين والشكّ في مثل قوله : «من كان على يقين فشكّ» الخ هو عدم التحيّر ووجود الطريق ، ووجود التحيّر وعدم الطريق.
الثاني : من المعلوم أنّ اعتبار الأمارات والاصول إنّما هو في حقّ غير القاطع بالواقع ، وأمّا القاطع بالوجود أو بالعدم فليس في حقّه أمارة ولا أصل ، وهذا واضح يحكم به العقل ، ولم يرد في شيء من أدلّة اعتبار الأمارات التقييد بصورة الشكّ ، وجميع أدلّة الاصول مقيّدة بذلك ، فيستكشف من هذا ـ يعنى تغيير الاسلوب في البابين ـ أنّ الشكّ المأخوذ في باب الاصول يكون المراد به الحيرة وعدم الطريق ، فيكون في الاصول شيئا زائدا معتبرا علاوة على ما يعتبر في الأمارات أيضا بحكم العقل وهو الشكّ الوصفي.
ثمّ على فرض عدم استظهار الشكّ اللاطريقي من أدلّة الأصل فلا أقلّ من مساواته مع احتمال الشكّ الوصفي ، لا ظهور الثاني ، فيكفي في المطلوب ذلك أيضا لحصول الإجمال في دليل الأصل المسقط عن الاستدلال ، فيكون إطلاق دليل الأمارة سليما عن المعارض هذا.
فإن قلت : التحيّر موجود ابتداء وإن كان بعد تقديم أصالة الإطلاق في دليل الأمارة يرفع حقيقة ، ولكنّه بعد أوّل الكلام ، فلم لا تقدّم أصالة الإطلاق في دليل الأصل؟.
قلت : وجهه أنّه لو عمل بأصالة الإطلاق أو العموم في دليل الأصل يلزم رفع اليد عن الحكم في دليل الأمارة مع وجود الموضوع ، وهذا تقييد وتخصيص ، ولو