المأخوذ موضوعا قد يؤخذ على وجه الصفتيّة وهو أن يكون المكلّف متزلزلا متردّدا بين الوجود والعدم وعدم الاحتمال المانع عن النقيض في شيء من الطرفين.
وقد يؤخذ على معنى انسداد باب الواقع على المكلّف وانقطاع يده عنه بالمرّة بحيث لم يكن له أن يقول : هذا واقع ، ولا إشكال أنّ كلّا من الأمارة والأصل طريق إلى الواقع ، فمع كلّ منهما يمكن للمكلّف أن يقول : هذا واقع ، فإنّ مفاد قاعدة الطهارة أنّ هذا طاهر، يعني بمنزلة الطاهر الواقعي ، ومفاد قاعدة الحلّ أنّ هذا حلال ، يعني بمنزلة الحلال الواقعي ، ومفاد الاستصحاب أنّ العمل السابق عملك في الحال ، يعني أنّه بمنزلة العمل الواقعي ، كما أنّ مفاد دليل حجيّة الأمارة أنّ مؤدّى الأمارة من الوجوب أو الحرمة أو غير ذلك يكون بمنزلة الواقع.
والفرق أنّ موضوع الأمارة هو الشكّ الوصفي والترديد في الواقع ، وموضوع الأصل هو التحيّر في العمل المنسوب إلى الواقع بواسطة عدم الطريق لا إلى نفس الواقع ولا إلى بدله وما هو بمنزلته.
نعم حيث لا يمكن أن يكون الحكم رافعا لموضوعه وجب أن يكون الموضوع هو التحيّر مع قطع النظر عن حكم هذا الأصل ، لا التحيّر المطلق ؛ فإنّ الأصل أيضا ـ كما مرّ ـ طريق إلى ما هو بمنزلة الواقع ، فلا تحيّر معه.
وحينئذ فقيام الأمارة يرفع التحيّر لو لا الأصل وجدانا ، وقيام الأصل لا يرفع الشكّ والترديد في الواقع ، وهذا معنى الورود ، ولا فرق في ذلك بين الشبهة الحكميّة والموضوعيّة ، فإنّ الخلّ الذي يحتمل انقلابه إلى الخمر ـ مثلا ـ إذا قام البيّنة على خمريّته يزول التحيّر في خمريّته ؛ لوجود الطريق على الخمريّة ، فيحكم بالنجاسة وحرمة الشرب ، هذا.
ولكنّ الشأن في استظهار الشكّ اللاطريقي من لفظ الشكّ الواقع في قوله : «لا تنقض اليقين بالشكّ» ومن الغاية في قوله : «كلّ شيء طاهر حتى تعلم» و «كلّ شيء