هو موردا للشك ؛ لامتناع اجتماع اليقين والشكّ في شيء واحد.
قلت : لو كان العلم التقديري موجبا لكون المورد شبهة مصداقيّة لكان هذا جاريا في جميع موارد الاستصحاب ؛ إذ لا مورد منها إلّا ويتحقّق فيه العلم على تقدير ، وإنّما يكون من هذا القبيل ما إذا علم تفصيلا بخلاف الحالة السابقة في أحد الأطراف معيّنا ، فاريد استصحاب الحالة السابقة في الجامع بينه وبين سائر الموارد ، وأمّا حديث اجتماع اليقين والشكّ في شيء واحد فالممتنع منه الاجتماع في شيء واحد بجهة واحدة ، والموجود في المقام اجتماعهما فيه من جهتين ؛ لأنّ الواقع بوجهه مورد للعلم ، وبشخصه مورد للشكّ ، ولو لا ذلك للزم أن لا يكون للإنسان شكّ في ما إذا علم إجمالا بنجاسة أحد الإنائين وطهارة الآخرة ، مع أنّ وجود الشكّ بديهيّ وهو الشكّ في التعيين ، وعلى هذا فلا محيص من القول بأنّ الشكّ في كلّ من الأطراف موجود ولا يضرّ العلم الموجود معه في مشموليّته لدليل الأصل.
وحينئذ فمجمل الكلام في الصورة الاولى أنّه حيث إنّ التكاليف ليس بينها وبين المكلّف سوى شرائط التنجيز التي يكون أمرها بيد العقل ، والعلم الإجمالي أيضا في نظر العقل كالعلم التفصيلي في التنجيز والعليّة التّامة لحرمة المخالفة القطعيّة فلا يمكن إجراء الأصل في جميع الأطراف ؛ لأنّه مستلزم للقبيح العقلي وهو ترخيص المولى عبده في الظلم على مولاه الذي هو أشدّ أفراد الظلم.
نعم على قول من يجعل للحكم مراتب يمكن إجراء الأصل في جميع الأطراف ، والكلام فيه هو الكلام في الشبهة البدويّة حرفا بحرف ، وبعد عدم إمكان الإجراء في جميع الأطراف فالإجراء في الواحد المعيّن أيضا غير ممكن ؛ لاستحالة الترجيح بلا مرجّح ، وأمّا في الواحد المخيّر فيمكن إثباته بأحد الوجوه الثلاثة بعد أنّ إجراء الأصل فيه غير مستلزم للترخيص في القبيح ؛ فإنّ الترخيص في المخالفة الاحتماليّة ليس ترخيصا في القبيح ؛ فإنّ قبح المخالفة الاحتماليّة للعلم الإجمالي معلّق على عدم الترخيص ، بخلاف المخالفة القطعيّة.(١)
__________________
(١) إلى هنا تمّ ما كتبه قدسسره في مبحث لا ضرر والاستصحاب في هذه الدورة وما كتب ـ