لا يخرج الكلام عن طريقة المحاورة ، ويعترض بذلك على شيخنا المرتضى قدسسره حيث لم يفرق بين القسمين بالإرجاع إلى المرجّحات السنديّة.
قال شيخنا الاستاد دام أيّام إفاداته الشريفة : الحقّ مع شيخنا المرتضى قدسسره حيث أدرج القسمين في المتعارضين ؛ لأنّ المعيار الذي يخرج به الكلامان المتنافيان عن المتعارضين كونهما بحيث لا يكون جمعهما في الكلام خارجا عن طريقة المحاورة ، ونحن متى راجعنا أنفسنا لم نسمع ولا نسمع متكلّما قطّ تكلّم ب «أكرم العلماء» و «لا تكرم العلماء» مثلا في مقام إرادة إكرام صنف وترك إكرام صنف آخر منهم بدون نصب قرينة صارفة عن العموم دالّة على الخصوص.
فالمحذور الذي يلزم من أخذ السندين في هذا القسم ليس إلّا قريبا أو مماثلا للمحذور اللازم منه في القسم الآخر ، ونحن وإن بنينا على صحّة تقديم رتبة السند على الدلالة بقول مطلق لا يفيد في هذا المقام ؛ إذ وجود المحذور في الرتبة المتأخّرة يمنع عن الأخذ بالسند في الرتبة المتقدّمة ، فإنّ المستلزم للمحذور أيضا كالمحذور.
وهذا نظير ما إذا علمنا بطهارة الخشبة التي يغسل عليها الميّت بماء الغسل ، فإنّه إمّا يكون الماء غير متنجّس بملاقاة بدن الميّت فيلزم التخصيص في دليل «كلّ نجس منجّس» وإمّا يكون الماء متنجّسا ولا تكون الخشبة متنجّسة بملاقاة الماء ليلزم التخصيص في دليل كلّ متنجّس منجّس حيث إنّ صرف تقدّم الدليل الأوّل على الثاني رتبة لا يعيّن ورود التخصيص على الأخير ، بل يحصل الإجمال ، هذا.
مع أنّه لا وجه للفرق بين القسمين بعد اشتراكهما في كونهما على خلاف القاعدة ، فإن كان التقدّم الرتبي موجبا للأخذ بالسند في أحدهما فلا بدّ منه في الآخر أيضا ، فلا وجه للتفصيل ، إلّا أن يقال باختلاف مراتب خلاف القاعدة ، فإنّ أحدهما داخل في المحاورة ولو بنحو بعيد منها ، والآخر خارج عنها رأسا ، والحاكم فيه العقل فقط ، هذا ولكنّ الحقّ ما عرفت ، وقد عرفت أنّ الوجه هو التعارض بين السندين.
وأمّا ما ذكره شيخنا المرتضى قدسسره من أنّ الوجه تعارض ظهور أحدهما المتيقّن الاعتبار مع سند الآخر الغير المتيقّن الاعتبار فلم نعلم له معنى محصّلا ؛ فإنّه