آخر ليس له الأخذ بغير ما اختاره في الوقت الأوّل ، أو أنّه استمراري ، فله الاختيار في كلّ وقت؟.
قد يقال بالثاني نظرا إلى إطلاق قوله عليهالسلام : تخيّر أحدهما ، أو : بأيّهما أخذت وسعك ، لكلّ وقت ابتلى فيه المكلّف بالواقعة ، وعلى فرض الإغماض عن الإطلاق وأنّه حكم المتحيّر ، ولا تحيّر بعد الأخذ بأحد الخبرين لنا استصحاب بقاء التخيير ، وهو حاكم على استصحاب الحكم المختار ، هذا ما يقال.
وفيه نظر ؛ إذ الظاهر من قولك : خذ بهذا أو ذاك ، إحداث الأخذ ، وأمّا بعد الأخذ ففي الأزمنة المتأخّرة وإن كان يقال : فلان آخذ بقول فلان ، لكن لا يقال : أخذ أو يأخذ ، كما لا يقال على من بقي على هيئة القيام : إنّه قام فلان أو يقوم وإن كان يقال : إنّه قائم ، نعم بعد التجريد عن معنى الحدوث يقال : يقوم أو يقعد ، وإلّا فيقال : هو باق على قيامه أو قعوده السابق ، فكذا الحال في الالتزام والأخذ القلبي.
وإذن فلا معنى للتخيير في حالة البقاء على الالتزام بأحد الخبرين بين حدوث هذا الالتزام أو ذاك ، نعم يتصوّر التخيير بين بقاء هذا الالتزام وحدوث ذاك ، لكنّ الجمع بينهما في إنشاء واحد مستلزم لجمع اللحاظين في لحاظ واحد.
ومن هنا اتّضح أنّه لا معنى للاستصحاب أيضا ، فإنّ التخيير بمعنى بين الحدوثين غير ممكن ، وبمعنى بين البقاء والحدوث أمر مغاير للموجود السابق ، فليس وجوده في اللاحق بقاء لشخص الحكم السابق.
فإن قلت : لا نستصحب التخيير ، بل نستصحب جواز الأخذ بالخبر الآخر الغير المختار في الوقت الأوّل ، فإنّه كان جائز الأخذ سابقا والآن نشكّ فيه ، فمقتضى الاستصحاب بقاؤه.
قلت : جواز الأخذ به كان ثابتا في السابق من باب أنّه أحد عدلي التخيير ، وبعد الأخذ بعدله الآخر ارتفع ذلك التخيير لا محالة ، فارتفع ذلك الجواز أيضا ، فالجواز لو كان في اللاحق كان شخصا آخر غير مرتبط بشخص الجواز السابق.
فإن قلت : ما ذكرت سلّمناه ، ولكن الالتزام أمر اختياري ، فيجوز للإنسان رفع