الخبران متكافئين ، فلا دلالة فيه على التعدّي عن مورده.
ومنها : مرفوعة زرارة وفيها بعد ذكر المرجّحات : «إذن فتخيّر أحدهما فتأخذ به ودع الآخر».
هذا ما وقفنا عليه من الأخبار ، وقد عرفت تماميّة دلالة غير ما قبل الأخير منها على التخيير على وجه الإطلاق الشامل لصورة وجود المرجّح ، نعم إطلاق الأخير مختصّ بصورة عدم المرجّح المنصوص ، فينفع في دفع الأصل في غير المنصوص.
وأمّا أخبار الترجيح فهي مختلفة ، ففي بعضها الترجيح بموافقة الكتاب والسنّة ، وفي آخر بمخالفة العامّة ، وفي ثالث الترتيب بينها بتقديم موافقة الكتاب والسنّة.
ولا بدّ أن يعلم أوّلا أنّ في الاخبار الأمر بطرح ما خالف الكتاب بلسان أنّه ليس منّا أو لم نقله ، أو اضربوه على الجدار ، أو زخرف وباطل ، أو شبه ذلك ، وهذه ليست في مقام الترجيح ، بل في مقام بيان أصل سقوط الخبر ذاتا عن الحجيّة الأوّليّة ولو مع قطع النظر عن المعارض ، فلا بدّ من حملها على صورة المخالفة على وجه التباين الكلّي ، فإنّه إذا وصل مخالفة الخبر للكتاب أو السنّة القطعيّة بهذا الحدّ فمعلوم أنّه غير صادر وأنّ راويه كاذب. وبالجملة ، هذا الأخبار غير مرتبطة بمقامنا ؛ إذ هي بمقام تميّز الحجيّة عن غيرها ، ومقامنا ترجيح الحجّة على الحجّة.
ومن جملة هذه الأخبار خبر حسن بن الجهم المتقدّم في أخبار التخيير ومنها أيضا خبر العيون الطويل. وحينئذ فلا بدّ من فرض الكلام في ما كان الحكم فيه بتقديم الموافق للكتاب أو مخالف العامّة على وجه يعلم منه أنّه بصدد الترجيح بأن فرض ذلك في الخبرين بعد الفراغ عن شرائط حجيّتهما الذاتيتين من وثوق الراوي وغير ذلك وكان الموافقة أو المخالفة معتبرة من باب الكشف النوعي القائم في ما بين الكاشفين النوعيين كما ان الحال في المقبولة والمرفوعة كذلك لانه ذكر الموافقة والمخالفة فيهما بعد فرض موثّقيّة كلا الراويين ومامونيّتهما عن الكذب الذي مرجعه إلى موثوقيّة خبرهما في حدّ ذاته لو لا ملاحظة المعارض ، ولا بدّ من حمل مخالفة الكتاب في هذا المقام على المخالفة بنحو التباين الجزئي أعني العموم و