فليس منّا ، قلت : يجيئنا الرجلان وكلاهما ثقة بحديثين مختلفين ، ولا نعلم أيّهما الحق؟ قالعليهالسلام : فإذا لم تعلم فموسّع عليك بأيّهما أخذت».
دلالة هذا الحديث على التخيير وعمومه لما إذا كان لأحد الخبرين مزيّة ، واضح ، ويستفاد منه مطلب آخر أيضا وهو أنّ ما ذكره عليهالسلام في الصدر إنّما يكون في مقام التمييز للحجّة عن غير الحجّة وتمييز الصادق عن الكاذب ، وهو غير الترجيح للحجّة على الحجّة ، ويشهد لهذا أنّ السائل ذكر عقيب ذلك «يجيئنا الرجلان وكلاهما ثقة» ففرض أنّ المورد مورد لا يقبل الكذب المخبري ، فاجابه عليهالسلام بالتخيير ، فيعلم منه أنّ مفروض الصدر هو مورد لم يفرغ عن حجيّة قول المخبر ، فأحاله عليهالسلام إلى علامات يميّز بها الصادق عن الكاذب.
ومنها : ما عن الحارث بن المغيرة عن أبي عبد الله عليهالسلام «قال : إذا سمعت من أصحابك الحديث وكلّهم ثقة فموسّع عليك حتّى ترى القائم فتردّ إليه» عجّل الله تعالى فرجه.
والاستدلال بهذا الخبر على التخيير مع عدم ذكر الاختلاف في الحديث فيه أمران ، أحدهما قوله عليهالسلام : فموسّع الخ ، فإنّه ظاهر بقرينة وحدة السياق مع سائر الأخبار أنّ المفروض فيه صورة الاختلاف ، والثاني قوله عليهالسلام : حتّى ترى القائم (عج) فإنّ التعبير عن حجيّة أخبار الثقات ليس على وجه المغيّائية ، بل يفرض كلامهم عين الواقع ، فلا يفرق بين زمان الحضور والغيبة ، فالمناسب لذكر الغاية إنّما هو التخيير بين الحديثين المختلفين.
ومنها : ما عن علي بن مهزيار «قال : قرأت في كتاب لعبد الله بن محمّد إلى أبي الحسن عليهالسلام : اختلف أصحابنا في روايتهم عن أبي عبد الله عليهالسلام في ركعتي الفجر في السفر، فروى بعضهم صلّهما في المحمل ، وروى بعضهم لا تصلّهما إلّا على الأرض؟ فوقّععليهالسلام: موسّع عليك بأيّة عملت».
وليس في هذا الخبر ما يدلّ على العموم ؛ فإنّ ذكر الرواية ليس في كلام الإمام عليهالسلام على وجه يشعر بالعليّة ، وإنّما سأل السائل عن حكم اختلاف الروايتين الخاصتين وأجاب الامام عليهالسلام في هذا المورد بالتخيير ، ولعلّه كان