والاختيار في ما بين العمل بالخبرين ، ولا يبعد هذا بقرينة قوله في الأخبار الأخر : «موسّع عليك بأيّة عملت» حيث إنّ المراد به معلوم أنّه الحجيّة التخييريّة لا الإرجاع إلى الأصل ، فمقتضى وحدة السياق أن يكون هو المراد في هذا الخبر أيضا ، فيكون إطلاق السعة في خصوص باب الخبرين المختلفين ظاهرا في التخيير في المسألة الاصوليّة أعني الحجيّة.
ومنها : ما عن الحميري عن الحجّة روحي وارواح العالمين له الفداء إلى أن ذلك حديثان إلى أن قال عليهالسلام : «بأيّهما أخذت من باب التسليم كان صوابا».
والاستدلال به على العموم ـ مع عدم لفظ فيه بدل عليه وإنّما هو حكم في خصوص المورد الخاص ولعلّه لا يتجاوزه أو يتجاوزه إلى ما هو مشارك معه في الصنف من كون الخبرين معا في المستحبّات ـ مبنيّ على استفادة التعليل من قوله في الجواب عن ذلك حديثان ؛ لقوله عليهالسلام : وبأيّهما أخذت الخ ، كما لعلّة لا يبعد ، فلو كان الحكم خاصّا بباب المستحبّات أو بخصوص الخبرين المتعادلين لكان الواجب التنبيه على ذلك وعدم الاكتفاء بخصوص المورد ؛ فإنّ خصوص المورد لا يخصّص الوارد ، فيعلم منه بعد ذلك أنّ ورود الحديثين المختلفين مطلقا في أيّ واقعة كانت ، متعادلين كانا أم متفاوتين يكون الحكم فيه هو التخيير.
ثمّ إنّ في هذا الخبر إشكالا آخر وهو أنّ الحديثين المذكورين فيه من قبيل العام والخاصّ الذي تقدّم منّا عدم إدراجه في موضوع التعارض ، فلا بدّ إمّا من القول بأنّ العام والخاص أيضا من قبيل المتعارضين ونرجع فيهما إلى اخبار العلاج ، وإمّا من القول بأنّ خصوص هذا العام والخاصّ المذكورين في كلامه صلوات الله عليه كانا بحيث لا بدّ من معاملة التعارض بينهما ؛ لاحتفاف العام بقرائن لم يقبل الحمل على الخاص ، فصار في الظهور مساوقا مع الخاص.
ومنها : ما عن الحسن بن الجهم عن الرضا صلوات الله عليه «قال : قلت له عليهالسلام : تجيئنا الأحاديث عنكم مختلفة؟ قال عليهالسلام : ما جاءك عنّا فقس على كتاب الله عزوجل وأحاديثنا ، فإن كان يشبههما فهو منّا ، وإن لم يكن يشبههما