الثالث : كيف يرجع بعد مساواة القاضيين الى تحرّي المترافعين واجتهادهما في مدرك الحكمين.
الرابع : أنّ اللازم مع التعارض لغويّة حكم اللاحق وتساقطهما مع الوقوع دفعة ، فما معنى الترجيح.
الخامس : أنّ اختيار التعيين بيد المدّعي ، وقد فرض في الرواية الاختيار بيدهما وتحرّيهما بعد اختلافهما في الحكم ، هذا.
وأمّا الدفع فبأحد وجهين ، الأوّل : تنزيل الرواية على مقام الفتوى دون القضاء وفصل الخصومة ، فإنّ المنازعة حيث كانت ناشئة عن الشبهة الحكميّة فطريق ارتفاعها وانفصالها وضوح الحكم وارتفاع الجهل بالرجوع إلى خبرة ذلك ، وقوله عليهالسلام : فإنّى قد جعلته عليكم حاكما وإن كان له ظاهر أوّلي في مقام القضاء خصوصا مع مقابلته بما في الصدر من الردع عن المحاكمة عند قضاة الجور ، لكن يمكن حملها على معنى أنّ الفاصل كما كان في المرافعة عند القضاة قوّة السلطان يكون الحاسم والفاصل في هؤلاء قوّة الشرع والديانة ، فإنّ من اعتقد بالله وعذابه ونكاله يرتدع بالطبع عن مخالفة احكامه.
وبالجملة ، فالكلام مبنيّ على المسامحة والتجوّز ، ولا يخفى اندفاع جميع الإشكالات حينئذ ؛ لتفرّعها على الحمل على القضاوة.
الثاني إبقائها على ظاهرها من القضاوة وتصحيحها بالحمل على صورة التداعي ؛ إذ حينئذ يرتفع جميع الاشكالات.
أمّا الأوّل فلأنّه إذا كان كلّ منهما مدّعيا ، فليس أحدهما ملزما باختيار الآخر ، وإذا اختار كلّ قاضيا غير مختار الآخر فحكم كلّ قاض إنّما ينفذ في حقّ من اختاره خاصّة ، فلو توافقا في الحكم فلا كلام ، ولو تخالفا وكان حكم كلّ على ضرر من اختاره ينفذ أيضا في حقّ كلّ واحد حكم حاكمه ، وإن كان حكم كلّ بنفع من اختاره فحينئذ يحتاج إلى فاصل آخر ؛ إذ المفروض عدم نفوذ الحكم الصادر من كلّ على ضرر غير من اختاره.