وأمّا الثاني ، فلأنّه من الممكن عدم غفلته ، بل اطّلاعه على المعارض ، ولكنّه يعتقد عدم صلوحه للمعارضة كما هو غير عزيز.
وأمّا الثالث ، فلأنّ المفروض كون الشبهة حكميّة ، فمع فرض مساواة الحكمين أرجع الإمام عليهالسلام المترافعين إلى تحرّيهما بنفسهما الخبرين ولم يكن في ذلك الزمان لفهم الحكم من الخبر كثير مئونة ، بل كانت الفتاوى على طبق مضامين الأخبار من غير حاجة إلى إعمال النظر في الامور العلميّة المحتاج إليها في هذا الزمان.
وأمّا الرابع ، فلأنّ المفروض عدم نفوذ حكم واحد من القاضيين إلّا على من اختاره ، وما ذكر من لزوم تقديم الأسبق مع التعاقب ، والتساقط مع التقارن إنّما هو مع كون حكم كلّ نافذا على كلا الطرفين.
وأمّا الخامس ، فلفرض التداعي ، هذا حاصل الكلام في رفع الإشكالات عن المقبولة.
وأمّا ملاحظة المعارضة بينها وبين المرفوعة ، فينبغي أوّلا التّيمن بذكر المرفوعة أيضا.
فنقول : روى ابن أبي جمهور الأحسائي في غوالي اللئالي عن العلّامة مرفوعا إلى زرارة «قال : سألت أبا جعفر عليهالسلام ، فقلت : جعلت فداك يأتي عنكم الخبران أو الحديثان المتعارضان ، فبأيّهما آخذ؟ فقال عليهالسلام : يا زرارة خذ بما اشتهر بين أصحابك ودع الشاذّ النادر.
فقلت : يا سيّدي إنّهما معا مشهوران مأثوران عنكم؟ فقال عليهالسلام : خذ بما يقول أعدلهما عندك وأوثقهما في نفسك.
فقلت : إنّهما معا عدلان مرضيّان موثّقان؟ فقال عليهالسلام : انظر ما وافق منهما العامّة فاتركه ، وخذ بما خالف ، فإنّ الحقّ في ما خالفهم.
قلت : ربّما كانا موافقين لهم أو مخالفين فكيف أصنع؟ قال عليهالسلام إذن فخذ بما فيه الحائطة لدينك واترك الآخر.