قلت : إنّهما معا موافقان للاحتياط أو مخالفان له ، فكيف أصنع؟ فقال عليهالسلام : إذن فتخيّر أحدهما فتأخذ به ودع الآخر».
فنقول : المعارضة بينها وبين المقبولة من وجوه ، الأوّل : الحكم فيها بعد المرجّحات بالتخيير ، وفي المقبولة بالتوقّف ، الثاني : الحكم فيها بمرجحيّة الموافقة للاحتياط دون المقبولة، الثالث : الحكم في المقبولة بمرجحيّة الموافقة للكتاب والسنّة قبل المخالفة للعامّة دون المرفوعة، وقد فرغنا عن علاج معارضتهما من هذه الوجوه في ما تقدّم ، الرابع : ذكر الشهرة في المرفوعة متقدّمة على الصفات وفي المقبولة متأخّرة عنها.
وأمّا معارضتهما مع سائر الأخبار فلذكر الشهرة والصفات في هاتين دون سائر الأخبار.
ومحصّل القول في علاج كلا هذين الوجهين الأخيرين أن يقال : أمّا المقبولة فذكر الصفات فيها ليس من باب المرجّح الخبري ، بل من باب المرجّح لأحد القاضيين أو المفتيين على الآخر ؛ لأنّه قال عليهالسلام : الحكم ما حكم به أعدلهما الخ ، وبعد ما فرض السائل مساواة الحاكمين أرجع إلى الروايتين ، فالمعيار في باب الخبر ما ذكره عليهالسلام بعد هذه الفقرة وهو الشهرة وما بعدها.
فنقول : الظاهر من مادّة الشهرة لغة حيث إنّه بمعنى الوضوح والظهور ، ولهذا يقال : شهر فلان سيفه ، إذا أبرزه عن الغمد ، ومن تعليله عليهالسلام الأخذ بالمشهور بأنّه ممّا لا ريب فيه ، حيث إنّه ما لا شكّ فيه حقيقة وهو المقطوع الوجداني ، ومن استشهاده عليهالسلام بحديث التثليث ما ذكره من التثليث في كلامه عليهالسلام حيث إنّه أدرج المشهور في بيّن الرشد والحلال البيّن أنّه عليهالسلام في هذه الفقرة ليس بمقام ترجيح إحدى الحجّتين الذاتيتين على الاخرى ، بل في مقام الإرشاد إلى ما هو الحجّة ، والردع عما ليس بحجّة.
فإنّه إذا كان الخبر يرويه كلّ الشيعة ، والمفروض أنّ الفتوى كان في ذلك الزمان على طبق المفاد ، فيكون المحصّل أنّ الكلّ إلّا الشاذ القليل يسندون إلى الإمام عليه