السلام وجوب صلاة الجمعة مثلا ، ومن المعلوم أنّه لو قام في قبال هؤلاء العدد الكثير والجمّ الغفير رجل واحد ولو كان ثقة عدلا مرضيّا فقال : بل قال الامام عليهالسلام : الواجب صلاة الظهر ، فهو وإن كان يؤخذ بخبره لو كان منفردا ، لكن ابتلائه بمعارضة الكلّ أوجب القطع بمخالفة قوله للواقع أعني مخالفة مضمون ما نقله لحكم الله الواقعي.
فيتردّد أمره حينئذ بين كذبه في الإخبار وبين صدقه ، ولكن كان الحكم لمصلحة اقتضت ذلك لا لبيان الحكم الواقعي ، وبين صدقه وعدم مصلحة غير بيان الواقع ، ولكن كان مع الكلام قرينة متّصلة يلائم الكلام معها لما نقله الكلّ ولم يسمعها الراوي ، وعلى كلّ حال يدخل التزلزل في أركان حجيّة كلامه ويسقط عن درجة الاعتبار ، ويصير مثل خبر الرجل الواحد الغير المتحرّز عن الكذب ، أو مجهول الحال ، فبهذه الملاحظة يمكن إدراج خبره في ما فيه الريب ، وبملاحظة أنّ ظاهر كلامه على ما هو عليه مقطوع الخلاف يمكن إدراجه في بيّن الغيّ.
نعم الذي ينافي هذا فرض السائل كون الخبرين معا مشهورين ؛ فإنّه ربّما يؤيّد كون المراد بالشهرة في الأوّل أيضا ما لا يساوق القطع ، وإلّا لم يمكن فرضه في كلا الخبرين.
والجواب أنّه حينئذ يدور الأمر بين أحد التّصرفين ، إمّا رفع اليد عن ظاهر جميع ما ذكر وحمل «لا ريب فيه» على نفي الريب بالإضافة مع أنّه بعيد جدّا ، حيث لا يقال في خبر أخبره جماعة يحتمل في حقّهم عادة التخلّف عن الواقع أنّ هذا الخبر لا شكّ فيه واريد بذلك أبعديّته عن الشكّ بالنسبة إلى خبر آخر هناك أخبره بخلافهم رجل واحد.
وإمّا إبقاء هذا الظاهر القوي بحاله والتصرّف في كلام السائل بحمله على إرادة عدم تحقّق ما فرضه الإمام عليهالسلام ، يعني أنّه إن لم يكن بينهما هذا الذي ذكرت ، بل تساويا في عدد المخبرين بأن روى كلا منهما جماعة من الثقات ، ولهذا ذكر عقيب قوله : مشهورين قوله : قد رواهما الثقات عنكم.