أمّا الأوّل فلأنّ الإطلاق لا يتوقّف انعقاده على أزيد من عدم البيان المتّصل والعموم منفصل ، وأمّا الثاني فلأنّه بعد الاعتراف بأنّ الإطلاق أيضا ظهور لفظي مستقرّ ، فلا وجه لدعوى أظهريّة العموم ، فالحقّ أن يقال : لا كليّة لشيء من الطرفين ، بل لا بدّ من ملاحظة خصوصيّات الموارد ، فربّما يصير التقييد أولى ، وربّما يصير التخصيص كذلك.
ومنها : أنّه لو دار الأمر بين التخصيص والنسخ فالنسخ أولى ، لندرته وشيوع التخصيص ، حتّى قيل ما من عام إلّا وقد خصّ ، وفيه أنّ مجرّد الندرة والشيوع إن لم يرجع إلى ظهور لفظي فغايته الظنّ الغير المستند إلى اللفظ ، ولا دليل على اتّباعه وحجيّته.
والحقّ أن يقال : دوران الأمر بينهما إن كان في الأحاديث النبويّة صلىاللهعليهوآله مع المرويّ عن الأئمّة عليهمالسلام مع كون الراوي عن النبيّ صلىاللهعليهوآله غير الإمام فلا مرجّح لأحد الأمرين ، ولا بعد في النسخ في مثل هذا المورد ، كما ورد في بعض الأخبار من أنّه «ما بال أقوام يروون عن فلان وفلان عن رسول الله صلىاللهعليهوآله لا يتّهمون بالكذب فيجيء منكم خلافه؟ قال عليهالسلام : إنّ الحديث ينسخ كما ينسخ القرآن ، ومرجع هذا إلى ورود النسخ في زمانه صلىاللهعليهوآله ولم يطّلعه الناس فكشف الإمام عليهالسلام في زمانه.
نعم لو قلنا بأنّه يعتبر في النسخ كون المنسوخ ظاهرا في الاستمرار والدوام حيث إنّه التخصيص في الأزمان فلا بدّ من مضيّ زمان على المنسوخ لم يستبشع إطلاق الدوام والاستمرار بالنسبة إليه ، وإلّا يتعيّن التخصيص ، وأمّا إن قلنا : لا يعتبر في النسخ ذلك فلا مرجّح لأحدهما مطلقا ، هذا في ما إذا دار بين الحديث النبوي الغير المرويّ على لسان الأئمّةعليهمالسلام مع أحاديثهم.
وأمّا إذا دار الأمر في نفس أحاديثهم أو أحاديثهم مع ما يروونه عليهمالسلام عن النّبيصلىاللهعليهوآله حيث إنّ ظاهر النقل كونه بقصد العمل دون مجرّد الحكاية ولو لم يكن المضمون حكم الله الفعلي في حقّ المخاطب ، فيمكن دعوى