أيضا نوع من الحكم ، لا أنّه لا حكم قبل المعلّق عليه ، فمقتضى الاستصحاب هو الحكم الظاهري بأنّه إن جاءك زيد فأكرمه ، ثمّ كما في حال القطع عند حصول المجيء كان لازم ذلك الحكم التعليقي الواقعي هو الفعليّة عند الشكّ ، أيضا لازم هذا الحكم الظاهري التعليقي هو الفعليّة عند حصول المجيء ، وليس مثبتا من هذه الجهة ، لأنّ اللازم من لوازم نفس الحكم ، الأعمّ من الظاهري والواقعي.
لكنّ الكلام في أنّ هنا استصحابا آخر مخالفا ، وهو أنّ الزيد قبل حصول المجيء ليس في حقّه حكم (أكرمه) مجعولا ، فقضيّة الاستصحاب عدم المجعوليّة ، فهل أحد هذين مقدّم على الآخر أولا؟ قال شيخنا المرتضى قدسسره : إنّ الاستصحاب التعليقي مقدّم على الفعلي ، للحكومة وهو محلّ إشكال.
وتوضيحه بعد تقديم مقدّمة ، وهي أنّ ملاك حكومة أصل على آخر أن يكون مفاد أحد الأصلين مولّدا لحكم في موضوع في غير حال الشكّ في ذلك الموضوع ، وكان مفاد الآخر إثبات نقيض ذلك الحكم في ذلك الموضوع في حال الشكّ ، فحينئذ لا محالة الأصل الأوّل يزيل الحكم الثاني ، مثلا الأصل أو الاستصحاب المفيد لطهارة الماء يتولّد منه حكم بأنّ الثوب المغسول بهذا الماء طاهر ، لا طاهر إذا شككت ، ومقتضى الاستصحاب في نفس الثوب أنّه إذا شككت فيه فابن على النجاسة ، ومن المعلوم حكومة ما مفاده هذا طاهر على ما مفاده هذا : إن شككت في طهارته ، فابن على نجاسته ، ووروده على ما مفاده هذا : إن ليس لك طريق فابن على نجاسته.
إذا تمهّدت هذه المقدّمة نقول : ليس هذا الملاك موجودا في المقام ، وذلك لأنّ حكم أكرمه في قولنا : إن جاءك زيد فأكرمه ليس قبل المجيء وبعده إلّا حكما واحدا ، غاية الأمر قبل المجيء لا فعليّة له ، وبعده يتّصف بها ، فإذا كان قضيّة الاستصحاب جعل هذا الخطاب التعليقي في موضوع الشكّ اعني : إذا شككت فابن على وجود خطاب : إن جاءك فأكرمه ، فليس هنا حكم آخر متولّدا من هذا الحكم.
نظير طهارة الثوب في المثال بأن يقال هنا أيضا : يترتّب عليه حكم آخر وهو خطاب «أكرمه» الفعلي بعد تحقّق المجيء ، وهو حكم في غير موضوع الشكّ ، فيقدّم